بسم الله الرحمن الرحيم
سفر المرأة للحج من دون محرم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
السؤال : ما حكم سفر المرأة لأداء الحج أو العمرة إذا لم تجد محرماً ؟
إن كانت المرأة لا تجد محرماً من أجل أداء فريضة الحج أو العمرة الأولى فلا حرج عليها أن تسافر مع مجموعة مأمونة . كما هو الحال اليوم في حافلة فيها مجموعة من الرجال والنساء . وقد قال بهذا المالكية ، والشافعية.
على أن تضع المرأة نصب عينيها تقوى الله تعالى .
أما إن كانت قد أدت الحج والعمرة ( خاصة من يحج متمتعاً ) فلا تسافر المرأة بدون محرم لأدائهما تطوعاً .
والله تعالى أعلى وأعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
بعض آداب الحاج
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فهذه بعض آداب الحج نذكرها باختصار :
آداب الاستعداد للحج :
1- يستحب أن يشاور من يثق بدينه وخبرته في تدبير أموره , ويتعلم أحكام الحج وكيفيته , قال الإمام النووي : " وهذا فرض عين , إذ لا تصح العبادة ممن لا يعرفها , ويستحب أن يستصحب معه كتاباً واضحاً في المناسك جامعاً لمقاصدها , وأن يديم مطالعته ويكررها في جميع طريقه لتصير محققة عنده , ومن أخل بهذا خفنا عليه أن يرجع بغير حج لإخلاله بشرط من شروطه أو ركن من أركانه أو نحو ذلك , وربما قلّد كثير من الناس بعض عوام مكة وتوهم أنهم يعرفون المناسك فاغتر بهم , وذلك خطأ فاحش " .
2- إذا عزم على الحج فيستحب له أن يستخير الله تعالى , لكن ليس للحج نفسه , فإنه لا استخارة في فعل الطاعات , لكن للأداء هذا العام إن كانت الحجة نافلة , أو مع هذه القافلة , وترد الاستخارة على الحج الفرض هذا العام لكن على القول بتراخي وجوبه .
3- إذا استقر عزمه على الحج بدأ بالتوبة من جميع المعاصي والمكروهات , ويخرج من مظالم الخلق , ويقضي ما أمكنه من ديونه , ويرد الودائع , ويستحل كل من بينه وبينه معاملة في شيء أو مصاحبة , ويكتب وصيته , ويشهد عليها , ويوكل من يقضي عنه ما لم يتمكن من قضائه , ويترك لأهله ومن تلزمه نفقته نفقتهم إلى حين رجوعه .
ولا يتوهم أحد الإفلات من حقوق الناس بعباداته , ما لم يؤد الحقوق إلى أهلها , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يغفر للشهيد كل شيء إلا الدَّين ) . [ أخرجه مسلم ] .
4- أن يجتهد في إرضاء والديه , ومن يتوجب عليه بره وطاعته , وإن كانت زوجة استرضت زوجها وأقاربها , ويستحب للزوج أن يحج بها , فإن منعه أحد والديه من حج الإسلام لم يلتفت إلى منعه , وإن منعه من حج التطوع لم يجز له الإحرام .
5- ليحرص أن تكون نفقته كثيرة وحلالاً خالصة من الشبهة , فإن خالف وحج بمال فيه شبهة أو بمال مغصوب صح حجه في ظاهر الحكم , لكنه عاص وليس حجاً مبروراً , وهذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة رحمهم الله تعالى وجماهير العلماء من السلف والخلف , وفي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم : ( ذكر الرجل يطيل السفر , أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يا رب يا رب , ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) . [ أخرجه مسلم ] .
6- الحرص على صحبة رفيق موافق صالح يعرف الحج , وإن أمكن أن يصحب أحد العلماء العاملين فليمسك به فإنه يعينه على مبارّ الحج ومكارم الأخلاق .
آداب السفر للحج :
1- يستحب أن يودع أهله وجيرانه وأصدقاءه , ويقول لمن يودعه ما جاء في الحديث : ( أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه ) . [ أخرجه أحمد وحسنه ابن حجر ] .
ويسن للمقيم أن يقول للمسافر : ( أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك ) . [ صححه الحاكم ووافقه الذهبي ] .
2- أن يصلي ركعتين قبل الخروج من منزله , يقرأ في الأولى سورة { قل يا أيها الكافرون } وفي الثانية { قل هو الله أحد } .
3- معرفة أحكام السفر ورخصه مثل الجمع والقصر .
آداب مناسك الحج :
1- التحلي بمكارم الأخلاق , والتذرع بالصبر الجميل , لما يعانيه الإنسان من مشقات السفر , والزحام , والاحتكاك بالناس .
2- استدامة حضور القلب والخشوع , والإكثار من الذكر والدعاء وتلاوة القرآن , وغير ذلك , والمحافظة على أذكار مناسك الحج .
3- الحرص على أداء أحكام الحج كاملة وعدم تضييع شيء من السنن , فضلاً عن التفريط في الواجب , إلا في مواضع العذر الشرعية التي بيّنت في مناسباتها .
آداب العودة من الحج :
1- أن يراعي آداب السفر وأحكامه العامة للذهاب والإياب , والخاصة بالإياب , مثل إخبار أهله إذا دنا من بلده , وألا يطرقهم ليلاً , وأن يبدأ بصلاة ركعتين في المسجد إذا وصل منزله , وأن يقول إذا دخل بيته : ( توباً توباً , لربنا أوباً , لا يغادر حوباً ) . [ حديث حسّنه ابن حجر وقال : أخرجه أحمد وابن السني ] .
2- يستحب لمن يسلم على الحاج أن يطلب من الحاج أن يستغفر له , كما يستحب أن يدعو للحاج أيضاً ويقول : ( قبل الله حجك وغفر ذنبك , وأخلف نفقتك ) ... ويدعو الحاج لزوّاره بالمغفرة .
3- قال الإمام النووي : " ينبغي أن يكون بعد رجوعه خيراً مما كان , فهذا من علامات قبول الحج , وأن يكون خيره آخذاً في ازدياد " .
والله تعالى أعلم
***
بسم الله الرحمن الرحيم
هل الذبح في الحج يعتبر أضحية ؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
يقول السائل : إننا نذبح في الحج , فما هو هذا الدم ؟ سمعنا من يقول هو أضحية وسمعنا من يقول غير ذلك ؟
جرى أهل بلادنا أن يحجوا إلى البيت متمتعين بالحج إلى العمرة , وقد ثبت بصريح القرآن : أن الذي يتمتع بالحج إلى العمرة يلزمه هدي , قال تعالى : { ... فمن تمتع بالحج إلى العمرة فما استيسر من الهدي ... } . [ البقرة : 196 ] . والآية واضحة في سبب وجوب هذا الهدي , فهو التمتع وليس الأضحية , وقد رأيت الكثيرين حتى من أهل الاختصاص من لا يفرق بين الأضحية وهدي التمتع .
وقد اختلف أهل العلم في سبب وجوب الهدي :
مذهب الحنفية ( ابن عابدي – رد المحتار 2/9567 ) : هذا الدم نسكاً غايته الشكر أن منّ الله بالجمع بين نسكين ( الحج والعمرة ) , وقريب من هذا الرأي مذهب الحنابلة ( ابن مفلح 3/313 ) .
وأما المالكية فرأوا أن هذا الهدي ليسقط سفر العود إلى أفقه ( الدردير – الشرح الكبير 2/30 ) .
وذهب الشافعية إلى أن السبب هو جبران لسقوط الميقات , حيث لا يطالب المتمتع بالخروج إلى الميقات والإحرام منه مستأنفاً الحج وهو أرجح الأقوال .
يقول الإمام الألوسي – رحمه الله – في تفسيره ( روح المعاني 1/478 ) : " ... أي فعليه دم استيسر عليه بسبب التمتع فهو دم جبران لأن الواجب عليه أن يحرم من الميقات فلما أحرم لا من الميقات أورث ذلك خللاً فيه فجبر بهذا الدم ... وذهب أبو حنيفة إلى أنه دم نسك كدم القارن لأنه وجب عليه شكراً للجمع بين النسكين " .
والذي يعضد مذهب الشافعية في أن هذا الدم كان للجبران ما ثبت من أن أهل مكة لا يلزمهم الهدي , قال الألوسي ( 1/478 ) : " ... ومن ثم لا يجب على المكي ومن في حكمه " .
ويختلف هدي التمتع عن الأضحية بأمور :
1- سبب الأضحية عبادة مخصوصة في زمن معين وهو العيد , وأما الثاني فهو جبران لترك ميقات ( على الخلاف السابق ) .
2- نقل عن المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة أن هدي التمتع يجب لمجرد الإحرام ويجزئ ولو كان قبل العيد .
قال الدردير في ( الشرح الكبير 2/30 ) : " ودم التمتع يجب بإحرام الحج " .
وقال عز الدين ابن جماعة في ( هداية السالك 2/533 ) : " ويجب دم التمتع بالإحرام عند الشافعية وهو إحدى الروايتين عن أحمد ... وقال الحنفية أن وقت وجوبه بعد الإحرام بالحج " .
3- إن من لا يجد هدياً يجزؤه أن يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعتم ...
قال تعالى : { ... فمن لم يجد ( أي هدي ) فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ... } . [ سورة البقرة : 196 ] .
وقد نقل الألوسي في ( روح المعاني 2/479 ) الآثار والأحاديث الواردة في الترخيص للحاج غير الواجد هدياً أن يصوم .
4- ذهب الشافعي إلى أن المتمتع لا يأكل من هديه بخلاف الأضحية فالسنة أن يأكل منها .
وبذلك يتضح أن دم التمتع هو غير الأضحية , وعلى المرشدين الذين يرشدون الحجيج أن يبينوا لهم هذا الأمر , حتى تصح نياتهم وتصح عبادتهم , والله تعالى الموفق والهادي سبيل الرشاد .
والله تعالى أعلم