عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما نقصت صدقة من مالٍ , وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله "تعالى " ). أخرجه مسلم ..
حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث على صفات تعتبر من أمهات مـكـارم الأخـلاق " الـصدقـة " و " الـعفو " و " التواضع "
...وسنشرح هذه الصفات شرحاً موجزاًبسيطاً. مع ذكر أمثله داله على إتصافه بها صلى الله عليه وسلم .
( ما نقصت صدقة من مال ٍ )
ــ ما المقصود بعدم النقص هنا ؟فسر العلماء عدم النقص بمعنيين :
الأول : أنه يبارك له فيه ويدفع عنه الآفات , فيجبر نقص الصورة بالبركة الخفية .
والثاني : أنه يحصل بالثواب الحاصل عن الصدقة جبران نقص عينها فكأن الصدقة لم تنقص المال لما يكتب الله من مضاعفة الحسنة إلى
عشر أمثالها إلى أضعافٍ كثيرةٍ .
ولمؤلف الكتاب"الصنعاني" معنى ثـالث :قلت :والمعنى الثالث أنه تعالى يخلفها بعوض يظهر به عدم نقص المال بل ربما زادته ،ودليله قوله تعالى : (ومآ أنَفَقتُم مّن شَئٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ )
وهو مجرب محسوس .
وقد أتصف الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة " الصدقة "حتى قيل عنه أنه يُعطي عطاءً لا يخشى الفاقة .
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : ماسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئاً إلا أعطاه ، قال : فجاءه رجلٌ فأعطاه غنماً بين جبلين ،
فرجع إلى قومه فقال : يا قوم : أسلموا فإن محمداً يُعطي عطاءً لا يخشى الفاقة " " رواه مـسلم "
( وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً )
حثُّ على العفوِ عن المسيء وعدم مجازاته على إساءته وإن كانت جائزة ،قال تعالى
( فَمَن عَفَا وَأَصلَحَ فَأَجرُهُ عَلَى الله ) .
وفيه يجعل الله للعافي عِزاً وعظمةً في القلوب ,لأنه بالانتصاف يظن أنه يُعَظّمُ ويصان جانبه ويهاب ويظن أن الإغضاء والعفو لا يحصل به ذلك ,
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه "يزداد" بالعفو عزاً .
ومن الاحاديث الداله على فضل العفو عند الخصام
عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ أن رجلاً شتم أبا بكر ،والنبي صلى الله عليه وسلم ,جالس يتعجب ويبتسم ,فلما أكثر ردَّ عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام ,فلحقه أبو بكر :
أبو بكر : يارسول الله كان يشتمني وأنت جالس ,فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت !!
الرسول صلى الله عليه وسلم :" كان معك ملك يرد عليه ،فلما رددت عليه وقع الشيطان "أي حضر "
يا أبا بكر : ثلاث كلهن حق :ما من عبد ظُلم بمظلمة ،فيغضي عنها الله ـ عز وجل ـ إلا أعز الله بها نصره ، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة ، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلةه ). "رواه أحمد، وحسنه الألباني .
وفي قوله : ( وما تواضع أحدٌ لله إلَّا رافعهُ الله )" ما تواضع أحدٌ لله " أي لأجل ما أعدَّه الله للمتواضعين ، " إلا رافعه الله "
فهو دليلٌ على أنّ التواضع سببٌ للرفعةِ في الدارين لإطلاقه .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا ، حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحده ) " رواه مـسلم "
ومن تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له , لما يعلمون من كراهيته لذلك . " رواه أحمد والترمذي بسند صحيح "
وعن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ،يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته ،وقالت : بشراً من البشر يُفلّي ثوبه ،
ويحلب شاته ويخدم نفسه . " رواه الترمذي وصححه الألباني "
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،مرَّ على صبيان يلعبون فسلّم عليهم ."رواه مسلم " .
أسال الله عز و جل أن يجعلنا ممن يتصف بهذه الصفات وممن يتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم لننال خيري الدنيا و الآخرة .
المراجع : ــ سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام ــ محمد إسماعيل الصّنعاني .
ــ قطوف من الشمائل المحمدية ــ محمد جميل زينو .
مـــ ماجده ـلآك الروح