المسعى هو طريق أو شارع شرق المسجد الحرام ، يحده الصفا جنوبًا والمروة شمالاً . والصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد . كذا في لسان العرب .
وقد أَمرنا الله سبحانه وتعالى عند أداء نسك الحج أو العمرة بالسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط بادئين بالصفا ، فمن الصفا إلى المروة شوط ، ومن المروة إلى الصفا شوط آخر ، وهكذا سبعة أشواط منتهين بالمروة . يقول تعالى :
سورة البقرة الآية 158
والسـعي بين الصفا والمروة أمر تعبدي لا نقاش في علته ولا في مـشروعيته ، ولكن بعضًا من حكمته قد تظهر لمن تدبر أصول التشريع ، وربما كان من حكمة السعي أن نتذكر به علو إيمان هاجر عليها السلام ، فيسمو إيماننا بالله ، وذلك عندما تركها زوجُها أبو الأنبياء إبراهيم مع ابنها إسماعيل عليهما السلام بواد لا زرع فيه ولا ماء ، فقالت له : آلله أمرك بهذا؟ قال : نعم . قالت : إذًا لا يضيعنا .
روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « ... ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت ، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفَّى إبراهيم منطلقًا ، فتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارًا ، وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : آلله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذًا لا يضيعنا ، ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه ، استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ، ورفع يديه فقال :
سورة إبراهيم الآية 37
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل ، وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى ، أو قال : يتلبط ، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر ، هل ترى أحدًا ، فلم تر أحدًا ، فهبطت من الصفا ، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود ، حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة، فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحدًا ، فلم تر أحدًا ، ففعلت ذلك سبع مرات ، قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذلك سعي الناس بينهما ».
تعريف الصفا في اللغة :
قال الجوهري في الصحاح : « الصَّفاءُ ممدودٌ: خلاف الكدَر. يقال: صَفا الشراب يَصفو صَفاءً، وصَفَّيْتُهُ أنا تَصْفِيَةً. وصَفْوَةُ الشيءِ: خالصُه. أبو عبيدة: يقال: له صَفْوَةُ مالي، وصُفْوَةُ مالي، وصِفْوَةُ مالي. فإذا نزعوا الهاء قالوا: له صَفْوُ مالي بالفتح لا غير. وصَفَوْتُ القِدْرَ، أي أخذت صَفْوَتَها. والصَّفاةُ: صخرة ملساء؛ يقال في المثل: ما تَنْدى صَفاتُهُ، والجمع صَفًا مقصورٌ، وأصْفاءٌ، وصُفيٌّ على فَعولٍ. والصَّفْوةُ: الحجارة اللَّيِّنة المُلْس. وقال امرؤ القيس: كما زَلَّتِ الصَّفْواءُ بالمُتَنَزَّلِ ».
وقال الخليل بن أحمد في العين : « والصَّفَا: حَجَرٌ صُلْبٌ أملَسُ، فاذا نَعَتَّ الصخرةَ قُلتَ: صَفاة وصَفْواء، والتذكير: صفًا وصَفْوانٌ، واحده صَفْوانةٌ، وهي حجارةٌ مُلْسٌ لا تُنبِتُ شيئًا ».
وصْف الصفا :
قال النووي: « ... مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام ، وهو أنف ، أي : قطعة من جبل أبي قبيس » . وقال إبراهيم رفعت باشا : « في أصل جبل أبي قبيس جنوبي المسجد الحرام على مقربة من بابه المسمى باب الصفا ».
وقال الزبيدي : « (والصفا من مشاعر مكة) شرفها الله تعالى ، وهو جبل صغير (بِلِحْفِ) جبل (أبي قُبيس) ... (وابتنيتُ على متنه دارًا فيحاء) ...» اهـ كلام صاحب القاموس مع شرحه للزبيدي .
ومعنى اللِّحْف « اللام والحاء والفاء أصل يدل على اشتمالٍ وملازمة . يقال : التحف باللحاف ، يلتحف ، ولاحفه : لازمه ...».
ولهذا الاشتمال يقال : « جبل أبي قبيس الذي فيه الصفا» . وقال الفاسي «والصفا من جبل أبي قبيس على ما قال العلماء ، وهو بأسفله » .
وقال الفاسي أيضًا : « ... هو في أصل جبل أبي قبيس على ما ذكره غير واحد من العلماء ، ومنهم : أبو عبيد البكري ، والنووي ، وهو موضع مرتفع من جبل له درج ، وفيه ثلاثة عقود ، والدرج من أعلى العقود وأسفلها ، والدرج الذي يصعد من الأولى إلى الثانية منهن بثلاث درجات وسطها ، وتحت العقود درجة ، وتحتها فرشة كبيرة ، ويليها ثلاث درجات ، ثم فرشة مثل الفرشة السابقة تتصل بالأرض ، وربما أهيل التراب عليها فغيب ».
مشروع بناء المسعى :
شارع المسعى قديمًا وقد ضاق على الحجاج والمعتمرين
المسعى بعد الانتهاء من بنائه ، والبدء في ترخيم واجهته الشرقية
صورة للطابق الأول من المسعى بعد تشييده