- خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . . فذكر حديثا طويلا . . [ وفيه ] : ومن اطلع إلى بيت جاره فرأى عورة رجل أو شعر امرأة أو شيئا من جسدها كان حقا على الله – تعالى – أن يدخله النار مع المنافقين الذين كانوا يتحينون عورات النساء ، ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله – تعالى – ويبدي للناظرين عورته يوم القيامة ، ومن آذى جاره من غير حق حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ، ألا وإن الله – تعالى – يسأل – الرجل عن جاره كما يسأله عن حق أهل بيته ، فمن يضع حق جاره فليس منا ، ومن بات وفي قلبه غش لأخيه المسلم بات وأصبح في سخط الله – تعالى – حتى يتوب ويراجع ، فإن مات على ذلك مات على غير الإسلام ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : ألا من غشنا فليس منا ، حتى قال ذلك ( ثلاثا ) ، ومن اغتاب مسلما بطل صومه ونقض وضوءه ، فإن مات وهو كذلك مات كالمستحل ما حرم الله – تعالى – ومن مشى بنميمة بين اثنين سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة ، ثم ( يدخله ) النار ، ومن عفا عن أخيه المسلم وكظم غيظه أعطاه الله – تعالى – أجر شهيد ، ومن بغى على أخيه وتطاول عليه واستحقره حشره الله – تعالى – يوم القيامة في صورة الذر ، يطؤه العباد بأقدامهم ، ثم يدخل النار ، ولم يزل في سخط الله حتى يموت ، ومن رد عن أخيه المسلم غيبة سمعها تذكر عنه في مجلس رد الله – تعالى – عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة ، فإن هو لم يرد عنه وأعجبه ما قالوا كان عليه مثل وزرهم ، ومن قال لمملوكه أو مملوك غيره أو لأحد من المسلمين : لا لبيك ، ولا سعديك انغمس في النار ، ومن ضار مسلما فليس منا ولسنا منه في الدنيا والآخرة ، ومن سمع بفاحشة فأفشاها كان كمن أتاها ، ومن سمع بخير فأفشاه كان كمن عمله ، ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم ربه ، فما ظنكم ؟ ومن كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا جعل الله له وجهين ولسانين في النار ، ومن مشى في قطيعة بين اثنين كان عليه من الوزر بقدر ما أعطي من أصلح بين اثنين من الأجر ، ووجبت عليه اللعنة حتى يدخل جهنم فيضاعف عليه العذاب ، ومن مشى في عون أخيه المسلم ومنفعته كان له ثواب المجاهدين في سبيل الله – تعالى – ومن مشى في غيبته وبث عورته كانت أول قدم يخطوها فإنما يضعها في جهنم ، وتكشف عورته يوم القيامة على رءوس الخلائق ، ومن مشى إلى ذي قرابة أو ذي رحم [ لبلاء ] به أو لسقم به أعطاه الله – تعالى – أجر مائة شهيد ، وإن وصله مع ذلك كان له بكل خطوة أربعون ألف ألف حسنة ، وحط عنه بها أربعون ألف ألف سيئة ، ورفع له أربعون ألف ألف درجة ، وكأنما عبد الله – تعالى – ( مائة ) ألف سنة ، ومن مشى في فساد بين القرابات والقطيعة بينهم غضب الله عليه ولعنه ، وكان عليه كوزر من قطع الرحم ، ومن عمل في فرقة بين امرأة وزوجها كان عليه لعنة الله في الدنيا والآخرة ، وحرم الله عليه النظر إلى وجهه ، ومن قاد ضريرا إلى المسجد أو إلى منزله أو إلى حاجة من حوائجه كتب له بكل قدم رفعها أو وضعها عتق رقبة ، وصلت عليه الملائكة حتى يفارقه ، ومن مشى بضرير في حاجة حتى يقضيها أعطاه الله – تعالى – براءة من النار ، وبراءة من النفاق ، وقضى الله – تعالى – له سبعين ألف حاجة من حوائج الدنيا ، ولم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع ، ومن مشى لضعيف في حاجة أو منفعة أعطاه الله – تعالى – كتابه بيمينه ، ومن ضيع أهله وقطع رحمه حرمه الله حسن الجزاء يوم يجزي المحسنين ، وحشر مع الهالكين حتى يأتي بالمخرج ، وأنى له المخرج ؟ ! ومن فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة ، ونظر إليه نظر رحمة ينال بها الجنة ، ومن مشى في صلح امرأة وزوجها كان له أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله حقا ، وكان له بكل خطوة عبادة سبعين سنة صيامها وقيامها ، ومن صنع إلى أخيه معروفا ومن عليه به أحبط أجره ، وخيب سعيه ، ألا وإن الله – تعالى – حرم الجنة على المنان ، والبخيل ، والمختال ، والقتات ، والجواظ ، والجعظري ، والعتل ، والزنيم ، ومدمن الخمر ، ومن بنى على ظهر طريق يؤوي عابري السبيل بعثه الله – تعالى – يوم القيامة على نجيبة [ من ] در ، ووجهه مضيء لأهل الجمع حتى يقولوا : هذا ملك من الملائكة لم ير مثله حتى يزاحم إبراهيم – عليه السلام – في الجنة ، يدخل الجنة بشفاعته أربعون ألف رجل ، ومن احتفر بئرا حتى يبسط ماؤها ( فبذلها ) للمسلمين كان له أجر من توضأ منها وصلى ، وله بعدد شعر كل من شرب منها حسنات : إنس ، أو جن ، أو بهيمة ، أو سبع ، أو طائر ، أو غير ذلك ، وله بكل شعرة من ذلك عتق رقبة ، ويرد في شفاعته يوم القيامة عند الحوض حوض القدس عدد نجوم السماء . قيل : يا رسول الله ، وما حوض القدس ؟ قال صلى الله عليه وسلم : حوضي ، حوضي ، حوضي ، ومن شفع لأخيه في حاجة له نظر الله إليه ، وحق على الله – تعالى – ألا يعذب عبدا نظر إليه ، إذا كان ذلك بطلب منه أن يستغفر له ، فإذا شفع له من غير طلب ؛ له مع ذلك أجر سبعين شهيدا ، ومن زار أخاه المسلم فله بكل خطوة حتى يرجع عتق مائة ألف رقبة ، ومحو مائة ألف سيئة ، ويكتب له بها مائة ألف درجة . فقلنا لأبي هريرة : أو ليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعتق رقبة فهي فكاكه من النار ؟ قال : نعم ، و ( يوضع ) له سائرها في كنوز العرش عند ربه – تبارك وتعالى الراوي: أبو هريرة و ابن عباس المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: المطالب العالية - الصفحة أو الرقم: 3/134
خلاصة الدرجة: موضوع