الجزء السادس
السيدة خديجة رضى الله عنها
السعادة ترفرف باجنحتها على أعظم بيت
لسعادة ترفرف بأجحتها على أعظم بيت خديجة – رضى الله عنها – فقد وجدت الطاهرة خديجة فى الامين محمد خير الازواج، فهو لطيف المعشر، سابغ العطف، يحيط به كل انسان وكل حى، وكل شئ فأخلاق محمد صلى الله عليه وسلم كانت تنبع من فطرته بنسب متفقة متكاملة، فصبره مثل شجاعته، وشجاعته مثل كرمه، وكرمه مثل حلمه، وحلمه مثل رحمته، ورحمته مثل مروءته، وخصائصه صلى الله عليه وسلم كثيرة فى الفضل.
بل انه من وفائه صلى الله عليه وسلم لم ينس تلكم المرأة العظيمة التى كانت له أما بعد أمه أم أيمن رضى الله عنها – فأخذها معه لما انتقل الى دار الزوجية، وأكرمها وغمرها بحنانه، وفاض قلبه الكبير رقة مست قلوب أبناء خديجة، فكان هند ابن خديجة عند أمه بعد زواجها من محمد صلى الله عليه وسلم، فكان ربيب النبى سعيدا غاية السعادة أن يشب وينشأ فى كنف أصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة.
لقد وسع حب محمد صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة، ذلك الفتى الذى اشتراه حكيم بن حزام من سوق عكاظ، ووهبه لعمته خديجة، وقد تعلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيد، وأحب زيد محمدا حبا لم يحب أحدا مثله من قبل.
وقد فطنت خديجة الى هذا الحب الأبوى، فوهبت زيدا لزوجها فأعتقهولم يكتف بأن رد اليه حريته السلبية، بل شرفه ورقاه بأن نسبه الى نفسه فكان زيد بن محمد.
أحبت خديجة – رضى الله عنها – زوجها محمد صلى الله عليه وسلم حبا ملك عليها كل مشاعرها، حب الزوجة لزوجها الكريم الذى تمثلت فيه مكارم الأخلاق ومعالى المكارم، على مر الأيام وطول العشرة، تزداد يقينا بأن الرجل الذى اختارته لنفسها هو أصلح أهل الارض لأداء رسالته، والنهوض بامته.
كانت خديجة – رضى الله عنها – تهيئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل أسباب الراحة وكل أطراف النعيم، اذا أشار لبت اشارته متهللة النفس، رضية القلب، كريمة اليد، فما كانت تبحل بأموالها أيضا، كانت سخية بعواطفها ومشاعرها وأموالها، بل لم تكن تبخل بحبها على من يحب زوجها، وكانت تكرم من يحبه اكراما يملأ النفس رضا وسرورا.
[center]