: جاءني اتصال من غزة في فلسطين، وهم يسألون: هل لهم جمع الصَّلوات بسبب عِدَّة أمور من أهمِّها الخوف وانقطاع الكهرباء وقلة الماء بسبب انقطاع الكهرباء لا تصل وبعض المناطق فيها قلة ماء، وهل للنِّساء الجمع خاصَّة مع ما ذكرنا، وأيضاً بسبب البرد الشديد، حيث تقول المرأة: الماء بارد جداً، ولا نستطيع تدفئته بسبب انقطاع الكهرباء، وقلة الغاز، هم يريدون الجواب على هذا السؤال، خاصَّةً أنهم اختلفُوا فيما بينهم.
الجواب:
إذا كان السبب البرد الشديد الذي لا يحتمله الإنسان العادي متوسط الناس؛ فإنه يسُوغُ لهم الجمع، لا شك أنَّ الماء القاتل لشدَّةِ بُرُودته وُجُوده مثل عدمِهِ، فيتيمَّم الإنسان مع وُجُوده إذا غلب على ظنه أنه لا تزول شدة البرودة؛ فحينئد يتيمَّم، مع الخلاف بين أهل العلم في الأهم، هل الأهم الطَّهارة أو الأهم الوقت؟، فهل يجمعون بطهارة كاملة وهي الوضوء يجمعون بين الصلاتين؟، أو يتيمَّمُون مع وُجود الماء ويُصَلُّون كل صلاة في وقتها؟
لا شكَّ أنَّ جمهور أهل العلم يُلاحظون الطَّهارة أكثر من الوقت، يُلاحظون الطَّهارة ولو خرج الوقت، والإمام مالك وهو ظاهر من تقديمه وقوت الصلاة على كتاب الطهارة التي يُقدِّمُها عامَّةُ أهل العلم يرى أنَّ الاهتمام بالوقت أشد من الاهتمام بالطَّهارة فيحرصُون على الصَّلاة بالأوقات ولو تيمَّمُوا، وهذا كان شيخ الإسلام يميل إليه.
المقصود أنَّ المسألة اجتهاديَّة، فعليهم أنْ يفعلوا في مثل هذه الحال الأرفق بهم؛ لأنَّ الصَّلاة في حال الخوف لها وضع غير الصَّلاة في حال الأمْن، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أخَّر الصَّلوات في الخندق صلَّى الظهر والعصر والمغرب بعد غروب الشمس ثم صلَّى العشاء؛ لأنهم حالوا بينه وبين صلاته -عليه الصلاة والسلام-، وفي ذات الرِّقاع وفي غيرها من المواطن صلَّى في الوقت -عليه الصلاة والسلام-؛ لكنه على صفةٍ مُخِّلةٍ بالصَّلاة، لو كان الظَّرف ظرف أمن يعني صلاة الخوف على ما جاء في ذات الرِّقاع تصح في حال الأمن؟ لا - لا تصح، فإذا كان الخلل يصل بسبب الخوف إلى هذا الحد؛ فلهم الذين يسألون وهم أهل غزة عن ظرفهم وخوفهم وشدة البرد عندهم أنْ يفعلُوا الأرفق بهم، فإنْ كان استعمال الماء لا يضرهم؛ يستعملونه، وإن كان يضُرُّهُم يَتَيَمَّمُونْ، وإنْ كانُوا يَتَمَكَّنُونْ من الصَّلواتِ في وقتها فهذا هو الأصل، وإنْ جَمَعُوا جَمْعاً صُورِيًّا بين الصَّلوات فهذا لا شك أنَّهُ سائغ، الجمع الصُّوري أنْ تُؤَخَّر الصَّلاة الأُولى إلى آخرِ وقتِها، ثم يُصلُّون الصَّلاة الثَّانية في أوَّلِ وقتِها، وإنْ اقتضى الأمر وشَقَّ عليهم ذلك وأرادوا أنْ يجمعُوا فالرَّسُول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كما جاء في الحديث الصَّحيح: "أراد أن لا يُحرج أُمته" [رواه مسلم]، وإلْزَامُهُم بالصَّلاة بكل صلاة في وقتها مع الظَّرف الذي يعيشُونه لا شكَّ أنَّهُ حرجٌ شديد.
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
مـــ ماجده ـلآك الروح