لم يشهد المسلمون منذ عقود من الزمن اتفاقاً على قضية كما اتفقوا اليوم على نصرة أهالي غزة وفلسطين، ذلك لأن الأمر واضح وجلي لكل مسلم سلمت فطرته، وخلا قلبه من حظوظ الدنيا وأمراضها، بل دخل في النصرة عقلاء العالم من غير المسلمين بل وغير المؤمنين بالله أصلاً ممن حكموا عقولهم فرفضوا الظلم وصرخوا نصرة للمظلومين.
وتخلف عن هذا الشرف وهو شرف النصرة والوقوف مع الحق طائفتان محسوبتان مع أهل الإسلام، الأولى تنتسب إلى الإسلام زوراً وبهتاناً، هدفها هو النيل من ديننا وشق صفه وهدم أساسه، وهؤلاء هم المنافقون، وهم درجات وأصناف منهم (مردوا على النفاق) ومنهم المبتدئ المريد، أحياناً يميل لأهل الإيمان وأحياناً للكفر والزندقة فهم مذبذبون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، والمنافقون وإن كان كفرهم خافياً إلا إنك تعرفهم في لحن القول وانحراف القلم.
أما الطائفة الأخرى المخذولة عن نصرة إخوانهم المسلمين الذين يجاهدون في سبيل الله في غزة وفلسطين، فهم طائفة تنسب نفسها للعلم الشرعي زوراً وبهتاناً، وتدعي الفهم في الدين كذباً وافتراء، ولم تكتف هذه الطائفة (الشاذة) بترك النصرة والإعانة، بل وزادت من بغيها وظلمها باتهام المجاهدين في سبيل الله بشتى أنواع التهم، كالتسرع والمغامرة والتهور والبعد عن المنهج الصحيح وغيرها من التهم، فغاية همهم التخذيل والإرجاف وشق صف المسلمين.
إن المعركة اليوم بين الصهاينة أشد الناس عداوة للذين آمنوا وبين المؤمنين الموحدين الذين يقاتلون في سبيل الله، {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} [سورة النساء: 76] فالمعركة واضحة جلية، وإن أخطر ما يفعله بعض (المتعالمين) اليوم من تثبيط المسلمين عن نصرة إخوانهم المجاهدين في سبيل الله، وتخذيلهم عن تقديم يد العون، والله جل وعلا يقول {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [سورة الأنفال: 46]، ويقول جل وعلا: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا} [آل عمران103] ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه» [رواه البخاري]، «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله» [رواه مسلم]، وغيرها من النصوص الكثيرة الدالة على وجوب تعاون المسلمين وتكاتفتهم وتراحمهم وأنهم جسد واحد.
أما المنافقون والزنادقة فالله حسيبهم، ولكن من ينسب نفسه للعلم الشرعي والدين فليتق الله عز وجل فإن لم يستطع أن يقدم خيراً لإخوانه فليكف شره عنهم فإنها صدقة يتصدق بها.
ولهاتين الطائفتين جمهور يقرأ ويسمع وربما صدق وتأثر، وبعضهم ربما يتندر وشعب بأكمله دمه يسيل وهو صابر محتسب، وسيكون يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين يحاسب كل فرد بما قال وما كتب وما فعل {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [سورة التغابن: 9].
***
حاولت أن أكتب مقالاً أبين فيه خبث الزمرة الجاثمة على صدر الشعب الفلسطيني بقيادة (محمود عباس) والمدعو (محمد دحلان) مستشار الأمن القومي وباقي المجموعة الفاسدة فوجدت خزيا وعارا وفضائح لا تسعها مقالات كثيرة، ولا أظن أنني سأضيف شيئاً جديداً، فصور (أبومازن) و(دحلان) مع الاستخبارات الصهيونية ووزير الدفاع وكبار الضباط اليهود في لقاءات حميمية خاصة!! ومقاطع فيديو فيه كلام خطير يحرض دحلان الصهاينة على المجاهدين في سبيل الله، ويدعو فيه (عباس) قواته لقتل أي مجاهد في سبيل الله يطلق أي شيء باتجاه الصهاينة.
عدا الفضائح المالية والاخلاقية لعدد من اتباع هذه الزمرة الفاسدة التي لم يرض الصهاينة إلا بها، وأرصدتهم التي ملأت بنوك الكيان الصهيوني قبل أوروبا، وهم يعتبرون صمام الأمان للصهاينة، وهم جواسيس الأعداء يرسلون إليهم قوائم أسماء المجاهدين وعناوين بيوتهم، ويكشفون لهم كل سر {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة المنافقون: 4].
(عباس) المنتهية فترته المتعاون مع الصهاينة ضد المسلمين المؤمنين الموحدين، ينظر إلى أشلاء أهالي غزة وكأن الأمر لا يعنيه، يوجه اللوم إلى (حماس) قبل أن يطلب من الصهاينة إيقاف المجزرة!!، هذا الرجل بالنسبة للبعض هو (ولي الأمر) للشعب الفلسطيني المجاهد البطل!!، حقاً إنه زمن الغرائب والعجائب!!
نبيل بن على العوضى
مـــ ماجده ـلآك الروح