ابو عبد الرحمن مهدى
عدد الرسائل : 1068
| موضوع: غزة والفجر القادم الأربعاء 21 يناير - 21:57:44 | |
| ]تحية من أعماق قلوبنا للصابرين المحتسبين في غزة. تحية لكل طفل غزاوي، يسير على درب أبناء العفراء، ليذب عن عرض الإسلام. تحية لكل فتاة غزاوية، ترفع لواء الشرف، والطهر والحياء، وتدفع دمها ثمنًا لعزتها وكرامتها. تحية لكل أم غزاوية، من حفيدات الخنساء، تقدم أبناءها في سبيل الله، وترضعهم مع حليبها عزة الإسلام، وتعلمهم فن الكرامة والصمود والإباء. تحية لكم يا أبناء غزة، أيها المرابطون في سبيل الله، أيها الصابرون المحتسبون، الذين قال لهم الناس إن اليهود قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا ويقينا، وما زادوا على أن قالوا: حسبنا الله ربنا ونعم الوكيل. ولئن لم ير الراءون في غزة غير أشلاء الضحايا ودماء الأبرياء، فإننا نرى بحول الله وقوته تلك الأشلاء وقودًا ًللنصر، وهاتيك الدماء دماء البعث والإنعاش لأمة محمد صلى الله عليه وسلم التي طالت غفلتها ورقادها. ولئن لم يسمع السامعون، غير أنات الثكالى، وبكاء اليتامي، فإنا نسمع في تلك الأنات صيحات الإفاقة، التي تهز السامعين من أمتنا، وتهيب بهم أن أفيقوا أيها المسلمون، فإن لكم دورًا تنتظره البشرية كلها بعد طول غياب، أفيقوا لتجددوا سمت آبائكم العظام، الذين فتحوا الدنيا بهذا الدين، وأقاموا للبشرية نهضتها وحضارتها، وقدموا لها هداية الإسلام في يد، ورخاءه وعدله ورحمته وحضارته في اليد الأخرى. نعم أختي الفاضلة, هكذا يقرأ المؤمن البصير الصورة الحقيقية لما يجري لإخواننا الأحرار في غزة، تلك الملحمة الإيمانية من الصمود والتحدي، والعزة والكرامة والإباء، فما هي إلا جزء من آلام المخاض، الذي لابد أن تعانيه أمتنا، حتى يولد في ربوعها فجر النصر القادم بإذن من ناصر المؤمنين ومخزي الكافرين، سبحانه وتعالى. التاريخ يشهد: وها هو تاريخ الأمة يشهد على أن ذلك المشهد الغزاوي كان مفتاحًا للنصر والتمكين لأمتنا على مدى الأزمان، فكم مرت بنا من أزمات طاحنة، راح ضحيتها من المسلمين ملايين القتلى، ولم يحرك أكثر المسلمون ساكنًا لنجدتهم وإغاثتهم، إنها مآس ومصائب تتضاءل أمامها عشرات المآسي من أمثال غزة، فهل أتاكم أيها المسلمون نبأ اجتياح التتار الهمجيين لعاصمة الخلافة الإسلامية بغداد، منبع الحضارة ودرة مدن العالم في ذاك التاريخ، إنها مأساة مروعة لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلًا، لقد كانت بغداد في تلك الآونة أعظم مدن العالم بلا منازع، وأكثرها سكانًا، كان تعدادها يبلغ ثلاثة ملايين نسمة، أتدرون كم قتل منهم التتار عندما دهموها بعد حصار طويل، لقد قتل التتار في أقل الروايات: مليون مسلم ذبحًا كما تذبح النعاج، إنها مأساة قلما حدثت في تاريخ أمم الأرض قاطبة، حتى أن ابن الأثير رحمه الله، ذلك المؤرخ المسلم الذي كان معاصرًا لتلك المأساة، يقول في وصفها: (لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عله أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً، إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: عمت الخلائق، وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم، وإلى الآن، لم يبتلوا بمثلها؛ لكان صادقاً، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها. ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله بخت نصر ببني إسرائيل من القتل، وتخريب البيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد، التي كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى من قتلوا، فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم، وتفنى الدنيا، إلا يأجوج ومأجوج. وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه، ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، شقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). فتأملي أختي الفاضلة في تلك البلية العظمى، وتأملي بإزائها في رد الفعل الهزيل من أمة الإسلام في ذلك التاريخ، سواء على مستوى الشعوب أو على مستوى الحكومات، وبمقابل ذلك انظري ـ يا رعاكِ الله ـ إلى رد فعل جماهير الأمة المسلمة لقاء ما يحدث لإخواننا في غزة، فبقدر ما يحزن القلب ويعتصره الألم على أرواح إخواننا الشهداء في غزة ـ نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدًا ـ بقدر ما يمتلئ غبطة وبهجة واستبشارًا بردود أفعال المسلمين في كل مكان، وحملهم لهموم إخوانهم، تماما كما الجسد الواحد الحي الذي إذا مرض جزء منه أو ناله النصب، تفاعلت معه بقية الأعضاء تمامًا كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ( مثل المسلمون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) . فهذه الأمة التي لم يهتز لها جفن، ولم يرتفع لها صوت في مأساة سقوط بغداد، وذبح مليون مسلم على يد التتار الهمج، هي نفسها التي قامت الدنيا فيها ولم تقعد عندما قتل من المسلمين ألف في غزة الأبية، أليس هذا دليل صارخ على أن الحياة بدأت تدب في جسد أمتنا المسلمة؟! أليس هذا دليل على أن فجر الإسلام الوليد قد اقترب، وأن هذه الأمة ستعود من جديد إلى سابق عزها ومجدها؟! الطريق إلى النصر.
لكن دون ذلك النصر والتمكين طريق لابد لأمة الإسلام من سلوكه حتى ينزل الله نصره على عباده المؤمنين، فإن الله عز وجل قد سن في الأرض سننًا لا تتبدل ولا تتغير إلى يوم الدين، وما تأخر النصر عن هذه الأمة، وما وصلت أمتنا إلى تلك الحالة المزرية من الضعف والهوان، إلا بعد أن خرقت هذه السنن، وخالفت أمر الله تعالى فيها. ومن أعظم هذه السنن التي تحكم معادلة النصر والهزيمة تلك التي وضحها لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاروق هذه الأمة، يوم أن قال: فعن طارق بن شهاب، قال: خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة له، فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة. فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا؟! تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة؟! ما يسـرني أن أهل البلد استشـرفوك. فقال عمر: (لو قال ذا غيرك أبا عبيدة؛ جعلتُه نكالًا لأمة محمد r، إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام؛ فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله). هكذا يشرح المحدث الملهم فاروق هذه الأمة سنة عظيمة من سنن الله تعالى في أمة الإسلام، فمعادلة النصر والتمكين واحدة لا تتبدل ولا تتغير، فوحده هذا الدين العظيم هو مصدر عزة المسلمين وقوتهم وتمكينهم في الأرض، فمهما حاولوا ابتغاء العزة في غيره من المناهج والتشريعات، وانحرفوا عن نوره إلى ظلمات الأهواء والشهوات والشبهات؛ إلا ضربت عليهم الذلة والمسكنة أينما كانوا، جزاء وفاقًا، وما ربك بظلام للعبيد. إن معادلة النصر أختي الفاضلة واضحة يمكننا أن نصيغها على الصورة التالية: عودة إلى الله والتزام بشريعته + أخذ بأسباب القوة والنهضة = عز و تمكين ونصر للمؤمنين. هكذا انتصر المسلمون أول مرة يوم أن حولوا معادلة النصر والتمكين إلى واقع عملي، في صورة أمة مستمسكة بشرعة ربها، وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، ونهضة شاملة في جميع ميادين الحياة، من سياسة واقتصاد وإعلام وزراعة وعلم وتكنولوجيا، وهكذا أيضا ذاقت أمتنا مرارة الهزيمة، يوم أن انحرفت عن منهج الله تعالى، ورضيت بأن تعيش مهينة في ذيل الأمم، تقتات من أعدائها طعامها وعلومها وأسباب حضارتها، متناسية توجيه ربها جل وعلا: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم). فإذا ما أردنا عزا وتمكينا لهذه الأمة، فلنعلم أن الطريق إلى هذا النصر إنما يبدأ منا نحن، فلا يكون النصر والتمكين بارتفاع الأصوات بالشحب والاستنكار والسباب، وحرق أعلام الأعداء، فإن هذا كله بدون تغيير جاد وحقيقي في أنفسنا وواقعنا لا يعدو كونه إفراغا للطاقات، وتنفيسا عن المشاعر في عمل لا طائل من ورائه، إلا أنه يشعر القائمين به بأنهم أدوا ما عليهم تجاه إخوانهم وأمتهم. أما التغيير الحقيقي والجاد، فلا بد له من عمل مثمر بناء، يتمثل في خطوات عملية لمساندة إخواننا في غزة، وبناء نهضة أمتنا من جديد، لتكون أمة قوية مرهوبة الجانب، قادرة على ردع أعدائها، والدفاع عن حرماتها ومقدساتها، كما أمرنا الله جل وعلا. دور فتاة الإسلام لن نقول كلاما جديدا أختي الفاضلة ولكننا سنعيد ما ذكرناه في مقالتنا السابقة من واجب عملي 1- فما أكثر الجمعيات الخيرية والتي تنتشر في كافة أنحاء الوطن العربي والإسلامي، والتي تتكفل بنقل المعونات والتبرعات إلى أخواتنا هناك، فلتنظر كل واحدة منا إلى حالها وتتبرع بأفضل ما عندها إلى أخواتها. 2- {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد:7]، فلا يأتي النصر في الأرض إلا بعد النصر على النفس، فهيا بنا أخواتي العزيزات نتوب إلى الله عز وجل، فلا يقع الذل بنا وبإخواننا إلا بسبب ذنوبنا ومعاصينا، لعل الله يتقبل توبتنا ويرفع بها البلاء عن إخواننا. مثل ما تقبل توبة الرجل الذي عصى الله أربعين سنة، وسقى بتوبته التي قبلها الله بني إسرائيل. فكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله). 3- الدعاء سلاح المؤمنة .. وسهامه لا تخطئ. فلنرفع أكف الضراعة إلى الله، أن يرفع عن إخواننا هذا البلاء وأن ينصرهم، وينصرنا على عدونا، ولنتحرى الأوقات المناسبة لإجابة الدعاء مثل الثلث الأخير من الليل. | |
|
shlala2009
عدد الرسائل : 394
| موضوع: رد: غزة والفجر القادم الأربعاء 21 يناير - 22:52:56 | |
| نعم يااخى معك كل الحق وبارك الله فيك | |
|