عن ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت ، أ فأحج عنها ؟ قال ( نعم حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء )(1)، وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت : إن أمي ماتت ولم تحج ، أ فأحج عنها ؟ قال ( نعم حجي عنها )(2).
وفي هذين الحديثين الترغيب في بر الوالدين، والاعتناء بأمرهما، والقيام بمصالحهما من قضاء دين، وخدمة، ونفقة، وغير ذلك من أمور الدين والدنيا (3).
ويدل أيضاً على صحة الحج عنهما بعد الوفاة، سواء كان حج فرض، أو نذراً، وأنه من البر بهما.
ويستحب أيضاً الحج عن الوالدين في حياتهما إذا كانا لا يستطيعان الحج لكبر أو مرض، فعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - قال : كان الفضل رديف النبي - صلى الله عليه وسلم-، فجاءت امرأة من خثعم ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشِّق الآخر ، فقالت : إن فريضة الله أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال ( نعم ) وذلك في حجة الوداع(4) .
وكذلك تصح العمرة عنهما إذ هي جزء من الحج، فعن أبي رَزِين - رضي الله عنه- قال : يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظَّعن ،قال: (احجج عن أبيك واعتمر )(5).
وإذا كان الحج من أفضل الأعمال وأعظمها فأداؤه عن الوالدين من أفضل البر وأعظمه.