اتهمت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان "إسرائيل" يوم الاثنين بارتكاب جرائم حرب قائلة إن استخدامها لقذائف الفوسفور الأبيض في مناطق مكتظة بالسكان في غزة كان غير مناسب وغير مشروع. وجاءت الاتهامات بعد إرسال فريق لتقصي الحقائق إلى غزة.
وقال بيان للمنظمة إن الوفد الذي أرسلته إلى غزة: "وجد أدلة قاطعة على استخدام واسع للفسفور الأبيض في الأماكن المزدحمة بالسكان في مدينة غزة وفي شمال القطاع".
وقال كريستوفر كوب-سميث خبير الأسلحة الذي ارسلته المنظمة ضمن طاقم من أربعة أشخاص لتقصي الحقائق: "وجدنا شوارع وأزقة تملؤها أدلة على استخدام الفسفور الأبيض من بينها إسفينية الشكل ما زالت تحترق، وبقايا شظايا وقذائف مدفعية أطلقها الجيش الإسرائيلي".
وقالت دوناتيلا روفيرا الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية في بيان: "مثل هذا الاستخدام المكثف لهذا السلاح في أحياء سكنية مكتظة بالسكان في غزة ينطوي على عدم تمييز للأهداف". وأضافت: "استخدامه المتكرر بهذه الطريقة بالرغم من تأثيره على المدنيين هو جريمة حرب".
والفوسفور الأبيض مادة شديدة الاحراق تشتعل بوميض ساطع جدا ولفترات طويلة. وتستخدم المادة في أحيان كثيرة لصنع ستائر دخان لتغطية تحركات الجنود في الأماكم المفتوحة، لكن يمكن استخدامها أيضا كسلاح يسبب حروقا بالغة وتشوهات إذا لامس الجلد، وقد استخدمته القوات الإسرائيلية بالفعل في الأماكن السكنية ما أسفر عن إصابات وتشوهات لدى العديد من المصابين الفلسطينيين.
وقالت مصادر طبية فلسطينية إن العديد من الجثث وجدت محترقة حيث تآكل الجلد تماما فيما بقيت العظام متفحمة، ما يشير إلى استخدام تلك الأسلحة المحرمة دوليا.
وكان خبراء في القانون قد ذكروا أن القانون الدولي لا يحظر استخدام الفوسفور الأبيض لكنه يفرض قيودا عليه؛ حيث يعد الاستخدام غير المتناسب لأي سلاح في منطقة مزدحمة بالمدنيين أساسا لتوجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
وزعم قادة الحرب "الإسرائيليين" أن جيش الاحتلال استخدم أسلحة تتفق مع القانون الدولي في حربه على غزة، لكنهم قالوا أن تحقيقا داخليا سيجري بخصوص الفوسفور الأبيض بعد الاتهامات التي وجهتها جماعات حقوقية إلى الجيش باستخدامه.
وقال الجيش: "ردا على المزاعم.. المتعلقة باستخدام أسلحة فوسفورية ومن أجل إزالة أي لبس شكل فريق للتحقيق في القيادة الجنوبية للنظر في الموضوع".
وليست منظمة العفو أول من اتهم إسرائيل باستخدام الفوسفور الأبيض. قفد وجهت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية الأمريكية نفس الاتهام في 10 يناير الماضي خلال ذروة الحرب، كما ذكرت الأمم المتحدة أيضا أنها تعتقد أن هذا النوع من الذخيرة قد استخدم.
لكن اتهامات منظمة العفو تتميز بأنها وجهت إلى "إسرائيل" بناء على دراسة ميدانية أجراها الخبير بريطاني في الأسلحة بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال كوب-سميث: "الفوسفور الأبيض سلاح مخصص لصنع ستائر دخان (لتغطية) تحركات القوات في ميدان المعركة. إنه شديد الإحراق ويشتعل بمجرد ملامسة الهواء وتأثير انتشاره يدعو إلى عدم استخدامه مطلقا في مناطق مدنية".
وذكرت منظمة العفو أن من أكثر الأماكن تأثرا باستخدام الفوسفور الأبيض مجمع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابع للأمم المتحدة (أونروا) في غزة الذي قصفته "إسرائيل" في 15 يناير الفائت، وألحقت به أضرارا واسعة النطاق. ورفض الجيش "الإسرائيلي" التعليق على الاتهام.
ويواجه القادة "الإسرائيليون" احتمال مطالبتها بتعويضات أمام محاكم دولية عن أفعالها في غزة التي شنت فيها هجوما على القطاع في 27 ديسمبر 2008 بدعوى منع حركة المقاومة الإسلامية حماس من إطلاق صواريخ على المغتصبات الصهيونية.
وقالت وزيرة الخارجية "الإسرائيلية" تسيبي ليفني يوم الاثنين: إنها "مطمئنة" إلى تصرفات "إسرائيل" خلال الهجوم لكنها ذكرت أيضا أن بلدها يجب أن يكون مستعدا لرد أي اتهامات دولية بارتكاب جرائم حرب.
مــــ جى ـا