يقول العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله في حثه المسلمين لاستخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية ضد أعداء الاسلام، يقول: "ومن أعظم الجهاد وأنفعه السعي في تسهيل اقتصاديات المسلمين والتوسعة عليهم في غذائياتهم الضرورية والكمالية، وتوسيع مكاسبهم وتجاراتهم وأعمالهم وعمالهم، كما أن من أنفع الجهاد وأعظمه مقاطعة الأعداء في الصادرات والواردات، فلا يسمح لوارداتهم وتجاراتهم، ولا تفتح لها أسواق المسلمين، ولا يمكنون من جلبها إلى بلاد المسلمين، بل يستغني المسلمون بما عندهم من منتوج بلادهم، ويستوردون ما يحتاجونه من البلاد المسالمة. كذلك لا تصدر لهم منتوجات بلاد المسلمين ولا بضائعهم، وخصوصا ما فيه تقوية للاعداء (كالبترول) فإنه يتعين منع تصديره إليهم... وكيف يصدر لهم من بلاد المسلمين ما به يستعينون على قتالهم؟!، فإن تصديره إلى المعتدين ضرر كبير، ومنعه من أكبر الجهاد ونفعه عظيم".
هذا الكلام الصريح من الشيخ السعدي رحمه الله وكثير من العلماء في وجوب مقاطعة الدول التي تشارك في حرب الإسلام والمسلمين، يجب أن يؤخذ على محمل الجد، فلا يصح أن تكون إسرائيل و(أمريكا) في حرب صريحة مع المسلمين، ثم بعد هذا نفتح لهما بلادنا وأسواقنا، ونضع المليارات من استثماراتنا في بنوكهم، ونترك لأمريكا مخازن النفط في العراق والخليج تنهل منها كما شاءت، بل وترتبط أكثر العملات الخليجية بالدولار الأمريكي؟!
إن المواطن البسيط مطالب بالبحث عن البديل غير الأمريكي في كل احتياجاته، وفعله هذا نوع من الجهاد والتضحية في سبيل الله، ونفعه عظيم على الفرد نفسه وعلى المجتمع الإسلامي بشكل عام، لكن الحكومات العربية والإسلامية مطالبة بخطوات أكبر في فك ارتباطها بالدولة المحاربة للإسلام والمسلمين، والبرلمان الأمريكي يعلن تأييده المطلق لإسرائيل في حربها ضد الأطفال والأبرياء، وأمريكا ترسل الذخائر والأسلحة الفتاكة ليستخدمها الصهاينة ضد العزل والأبرياء، ثم بعد هذا نجد مئات المليارات من أموال المسلمين توضع في البنوك الأمريكية لتدعم اقتصادها!!
لابد على الحكومات العربية والأسلامية من البحث عن بديل آخر غير العدو الأمريكي، فنحن اليوم نمر في مرحلة فاصلة، فإما أن تستجيب حكوماتنا إلى صوت العقلاء وتضع هذه الحكومات استراتيجيات أخرى تتحرر فيها من عبوديتها لأمريكا، أو تدوس هذه الحكومات على صوت إرادة الشعوب وتبقى في دور الجلاد الذي تستخدمه امريكا ضد المسلمين، والحارس الأمين على ثروات الأمة لصالح امريكا؟!!
الجهل الواضح والبين في بعض الكتاب والمحللين السياسيين في القضية الفلسطينية منشؤه أمران: الأول: هو عدم الإلمام بتاريخ القضية، وربما يكون البعض عنده بعض المعلومات لكنها مشوهة ومغلوطة ولهذا تجده أحيانا يلوم المقاومة الفلسطينية أو يعطي الحق للصهاينة بالبقاء أو يخرج إلينا برأي شاذ أكثر.
والسبب الثاني: هو غياب البعد الشرعي عند البعض عندما يتناول القضية الفلسطينية، فهو لا يؤمن أن المسجد الأقصى تشد إليه الرجال، وأن الصلاة فيه ليست كصلاة في غيره، وأن هذه الأرض المباركة يجب ألا تبقى إلا في حيازة المؤمنين الموحدين، ولهذا تجد هؤلاء السذج يتكلمون عن هذه القضية وكأنها فلسطينية بحتة، ولا يبالي بالحكم الشرعي بوجوب تحرير هذه الأرض من العدو المحتل.
قد يكون هناك أساتذة ومتخصصون في العلوم السياسية لكنهم جاهلون بالدين الإسلامي وأحكام الشريعة ومقاصدها، وقد يكون هناك كتاب يعرفون صف الكلام وتزويره لكنهم فاقدون لكل الأخلاق ولأدنى الأذواق، وكلاهما قد يصدق فيه وصف "الرويبضة" كفانا الله شرهم.
لماذا فرقة (دحلان) لها الأمن والأمان؟، ولقاءاتهم السرية والعلنية مع الصهاينة تتميز بالود والوئام و(القبل)؟، وأرصدتهم تتضخم يوما بعد يوم؟، ولم نسمع يوما أن أحدا من طرفهم اعتقل أو قتل؟!
أما جماعة الشيخ (هنية) فأكثرهم إما مسجون في سجن الصهاينة، أو سجن (السلطة) ويعذبون عذابا شديدا، والبقية الباقية يقاتلون في سبيل الله، وقتل الكثير من قاداتهم وسالت دماؤهم ودماء أهليهم؟!
لماذا إسرائيل وأمريكا وعملاؤها يقفون في صف (السلطة) ويحاربون الشيخ (هنية)؟!، أظن الإجابة واضحة، ومن كان لا يعرفها فليقرأ القرآن بتدبر ربما يشرح الله صدره وينير الله قلبه {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [سورة الحج: 46].