عبادة عظيمة وأجر وافر يغفل عنه كثير من الناس مع أن الحاجة ماسة إلى تلك العبادة في كل حين، وفي الآونة الأخيرة أشد.
الحب أصله في لغة العرب الصفاء لأن العرب تقول لصفاء الأسنان حبب.
وقيل مأخوذ من الحـُباب الذي يعلوا المطر الشديد.
وعليه عرفوا المحبة بأنها: غليان القلب عند الاحتياج للقاء المحبوب.
وقيل مأخوذ من الثبات ومنه أحب البعير إذا برك.
فكأن المحب قد لزم قلبه محبة من يحب فلم يرم عنه انتقالا ً......وقيل غير ذلك.
والحب من طبيعة الإنسان، فالحب عمل قلبي، ولذا كان الحب موجود منذ وجد الإنسان على ظهر هذه الأرض، فآدم يحب ولده الصالح، وابني آدم كان ما بينهما بسبب المحبة، وتظل المحبة على وجه الأرض ما بقي إنسان.
ولما كانت المحبة بتلك المنزلة جاء الإسلام ليهذبها، ويجعل هذا الرباط من أجل الله، فالمؤمن يحب من أجل الله ويبغض لله يوالي له ويعادي له، وهكذا الحياة كلها لله.
"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له"
وقد امتن الله عز وجل بهذا التأليف للقلوب قال سبحانه وتعالى:
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون"
وقال جل وعلا :"وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ًما ألفت بين قلوبهم".
"محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم"
هذه المحبة امتدت لتشمل من رأيناهم ومن لم نرهم.تأملوا في تلك الآية
"والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا"
فسبحانك ربي محبة تربط أجيال بأجيال أخرى لم يحصل بينهم أي تلاقى ٍ للأجساد ولكن جمعتهم المحبة في الله.
يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فيقول وددت لو لأني رأيت أحبابي قالوا يا رسول الله ألسنا أحبابك قال أنتم أصحابي أحبابي يأتون بعدي آمنوا ولم يروني.
تخيل.. بل تأمل.. النبي صلى الله عليه وسلم يحبك أنت ويشتاق لك.
ولذا وجد في الأمة من يتمنى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بما له من أهل ومال.
فانظر إلى جيل التابعين ثبت في مسند الإمام أحمد عن محمد بن كعب القرظي قال : قال فتى منا لحذيفة بن اليمان يا أبا عبد الله رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه ؟ قال نعم يا ابن أخي، قال فما كنتم تصنعون ؟ قال والله لقد كنا نجهد، قال والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولجعلناه على أعناقنا.