كان عمر رضي الله عنه ملهماً القرآن مؤيداً لرأيه فيمضي رأيه تشريعاً مقرراً الى يوم الحساب .
[size=12][b]ذلك لأنه كان يخشى الله ،وخشية الله تنير الطريق فتهدي السائرين،لذلك أجرى الله على لسانه الطاهركلمات جاء بها الوحي كما قالها عمر.
قال عمر رضي الله عنه: ( وافقت الله تعالى في ثلاث ـ أو وافقت ربي في ثلاث ـ قلت : يا رسول الله ، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ، فأنزل الله تعالى [ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ] وقلت : يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله تعالى آية الحجاب ،قال : وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه ،فدخلت عليهن ،قلت : إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله خيراً منكن ،حتى أتت إحدى نسائه ، قالت :يا عمر ،أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت ؟ فأنزل الله تعالى [ عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً ] [التحريم :5]
ومن موافقته في ترك الصلاة على المنافقين :
قال عمر: لما توفي عبد الله بن أبي دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة محدثاً ، ملأ الله قلبه بالنورووفقه للصواب ، فكان إذا قال وجهة نظره في أمر نزل عليه فقام إليه ، فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت : يا رسول الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا: كذا وكذا،والقائل يوم كذا:كذا وكذا أعددأيامه الخبيثة ،ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم حتى إذا أكثرت عليه ،قال:أخر عني يا عمر ، إني خيرت فاخترت ،قد قيل لي : ( استغفر لهم أو لا تستغفرلهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ) [ التوبة: 80] . فلوأعلم أني إن زدت على السبعين غفر له زدت . ثم صلى عليه ومشى معه على قبره حتى فرغ منه ،فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والله ورسوله أعلم ، فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هذه الآية : ( ولا تُصلّ ِ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره) [ التوبة : 84 ] .فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله عز وجل .
وآذت الخمر كثيراً من المسلمين في بعض المواقف بشكل لا يرضي ولا يليق ، وبعد أن حرف بعض المسلمين تلاوة آية تحت تأثير الخمر ، فشق الأمر على المسلمين ، ونزل قوله تبارك وتعالى ( يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) [ النساء : 43 ] . وهنا قدر عمر بسليم فطرته الملهمة أن الله سبحانه سيحرم الخمر ، فروي عنه أنه قال : إن الله عز وجل تقارب في النهي عن شرب الخمروما أراه إلا سيحرمها . وجأر الى الله سبحانه : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً . فكان ما أراد وأكرمه الله بآية التحريم الباتة القاطعة (فهل أنتم منتهون )
[ المائدة : 91،90] .ويعلو صوت عمر مهللاً وقد جاء البيان الشافي بتحريم الخمر:انتهينا يا رب .
ومن موافقته في أسرى بدر:
قال عمر رضي الله عنه: لما كان يوم بدر وهزم الله المشركين فقتل منهم سبعون وأسر سبعون ، استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً فقال لي : ما ترى يا ابن الخطاب ؟ فقلت : أرى أن تمكنني من فلان ـ قريب لعمر ـ
فأضرب عنقه ، وتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكن حمزة من فلان فيضرب عنقه ،حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين ، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم . فلم يهوَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت وهوى ما قال أبو بكر وأخذ منهم الفداء . فنزلت آية كريمة تصوب رأي عمر وتعتب على أخذ الفداء،( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) [ الأنفال 67] .
وكانت الآية تنزل وتتلى على المسلمين فينصتون ويعتبرون وينفذون ،ولكن تذوق عمر رضي الله عنه للقرآن مكنه من إدراك ما سيتلى قبل أن يتلى .
تنزل الآية الكريمة ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرارمكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناهُ خلقاً آخر) واسترعت تطورات الخلق ودقة التكوين ، وحلاوة النظم ، انتباه عمراليقظ ، فهتف من أعماق قلبه الذاكر قبل أن تكمل الآية الكريمةقائلاً : تبارك الله أحسن الخالقين . وتكمل الآية الكريمة على هذا النسق الجميل ( فتبارك الله أحسن الخالقين) .
ليس حال عمر رضي الله عنه مع القرآن قاصراً على الموافقات ، ولكن ما تمنى عمرأمنية فيها خير للمسلمين إلا وحقق الله لعمر ما تمنى بقرآن يتلى فيطاع .
يقول ابن عباس رضي الله عنه : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً من الأنصار اسمه مدلج إلى عمر بن الخطاب يدعوه ،فانطلق الغلام فوجده نائماً على ظهره، وقد رد الباب فدفع الغلام الباب على عمررضي الله عنه فسلم فلم يستيقظ فرجع الغلام ، فلما علم عمررضي الله عنه أن الغلام رآه عرياناً قال : وددت أن الله نهى أبناءنا وخدمنا أن يدخلوا علينا في هذه الساعة وانطلق عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجده وقد نزلت عليه آية الإستئذان ( يأيها الذين آمنواليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم ...) es New Roman](كفركنا[/b][/size]