موضوع: حديث هام يحتاج الى وقفة من الجميع !!! الإثنين 9 مارس - 18:22:47
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بادروا بالأعمال الصالحة فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا رواه مسلم.
الفتن جمع فتنة، وأصل الفتن قال أهل اللغة:
أصله الاختبار وإدخال الذهب في النار لتمييز جيده من رديئه وإزالة خبثه، هذا أصله، وصار هذا اللفظ يطلق على أشياء، وأكثر ما يطلق عليه معنى الاختبار والابتلاء الذي هو الاختبار،
وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ يعنى ابتلينا، ابتلى الله المؤمنين بالكفار والكفار بالمؤمنين،
وقال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً هو ابتلاء، إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ابتلاء، وهذا كثير.
يطلق الابتلاء على الفتنة يراد بها التعذيب إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فتنوهم: عذبوهم في ذات الله، ويطلق على ما يفضي،
المقصود أن هذا اللفظ يأتي على هذه الوجوه، وأيضا تُطلق الفتنة على أنواع ما يُبتلَى به الخلق، ومنها الحروب، ولا سيما الحروب التي لا يتميز فيها المحق من المبطل،
مثل ما سيأتي في الحديث إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي فهذه الحروب العمياء التي لا يتميز فيها المحق من المبطل هي فتن من ناحية ما ينشأ عنها من مصائب وأضرار عظيمة، ومن جهة ما يحصل بسببها أيضا من الضلال لمن يستجيب لها ولدعاتها.
وكذلك الفتن المعنوية، فتن الشهوات وفتن الشبهات هي فتن من جهة أنها فيها ابتلاء، تعرض الإنسان لها ابتلاء، ومن جهة أنها تفتن من لا بصيرة له أو لا صبر له، تفتنه وتصرفه عن دينه، وتصده عن هدى الله.
هذه كلمة عامة عن مفهوم الفتن والفتنة، وهذا اللفظ كثير في القرآن وكذلك في السنة.
في هذا الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم-: بادروا بالأعمال الصالحة فتنا يعني سابقوا الفتن، بادروها، بادروا الفتن بالأعمال الصالحة، يعني اجتهدوا في الأعمال الصالحة قبل أن تنزل بكم تلك الفتن،
بادر الهرم، بادر بالعمل الصالح الهرم أو الكبر، يعني سابق قبل أن تصير إلى الكبر والضعف والعجز، بادروا بالأعمال الصالحة فتنا، يعني اسبقوها، سابقوا إلى الأعمال قبل أن تنزل بكم هذه الفتن المدلهمة كقطع الليل المظلم
هذه الفتن واضح من وصفها بقولك كقطع الليل المظلم أنها فتن تصد وتعوق عن الأعمال الصالحة، وتصد عن سبيل الله، فتن مظلمة، شبهها الرسول بقطع الليل المظلم الشديد الظلمة السواد كقطع الليل المظلم
يدخل في ذلك دعوات الباطل المختلفة من دعوات البدع ودعوات الكفر، وكذلك الدعوات إلى الحرام، والدعوات إلى البدع الاعتقادية والعملية، أو الدعوات إلى الفجور والمعاصي،
فما دام الإنسان في وقت العافية فينبغي له أن يبادر بالأعمال الصالحة قبل أن تنزل به هذه الفتن، وهذا يتضمن الخبر عما سيكون، وأنها ستكون فتنا،
فالرسول يوصي أصحابه بالمبادرة بالأعمال الصالحة قبل تلك الفتن التي إما أن تعوق عن الأعمال الصالحة أو توجب ضلالا وانحرافا، إما أن تعوق، أقل ما يحصل أن تعوق، أو يحصل منها الضلال والانحراف.
بعد ما مات رسول الله -عليه الصلاة والسلام- جاءت أمور بدأت الفتنة بالردة، ردة كثير من العرب، هذه فتنة، ولكن الله دفعها بما وفَّق له خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسائر الصحابة لما وفقهم له من قتال المرتدين ودحر هذه الفتنة العظيمة، هذه محنة.
ولما استقر الأمر بعد هذه المصيبة وهذه القاصمة، استقر الأمر إلى ما شاء الله، ثم جاءت الفتنة التي لم تنطفئ الفتن بعدها، وهي قتل عثمان -رضي الله عنه- خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
كان عمر أيضا كما جاء في حديث حذيفة الطويل كان بابا، لما سأل عن الفتن قال: سألت عن الفتنة التي تموج كموج البحر، قال: بينك وبينها يا أمير المؤمنين باب، مغلق، قال: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: يكسر، قال: إذن لا، إذن لا يغلق،
بعد مقتل عمر -رضي الله عنه- كانت الأمور دونما كان الأمر عليه، فأسلم العهود عهد الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر، بعد مقتل عمر استقر الأمر إلى ما شاء الله، ولكن بدأت البذور، بدأت بذور الفتن وظهرت بقتل الخليفة الراشد البار العابد عثمان -رضي الله عنه- وتتالت بعد ذلك الفتن، واقرءوا التأريخ.
الفتن، فتن النزاعات والحروب، نزاعات على الإمرة، على السلطة، الخروج، ولم يزل هذا الأمر متواصلا، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، فهذه الفتن متواصلة، بادروا بالأعمال الصالحة فتنا كقطع الليل المظلم
هذا جانب من جوانب الفتن، أقول: إن الفتن المضلة تشمل الفتن السياسية، والفتن العلمية الاعتقادية أو العملية، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، بسبب ما يتعرض له من الدعوات الباطلة، وما يُدعَى إليه.
والاعتصام بالعمل الصالح وملازمة العمل الصالح هو من أسباب العصمة من هذه الفتن، فمن استقام على دين الله في أوقات السلامة، في أوقات السلامة، كان ذلك سببا في عصمته من تلك الفتن الطارئة العارضة،
والمعتصَم من جميع الفتن هو كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فبهما العصمة من الفتن، من كل الفتن،
الاعتصام بكتاب الله وسنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- باروا بالأعمال الصالحة فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا، يبيع دينه بعرض من الدنيا
إذن من أسباب الضلال والافتتان هو إيثار الدنيا على الآخرة، يمكن مثلا دعوات الإلحاد مما تقوم عليه الإغراءات، الإغراء بالمال،
فالدعوات الباطلة -سواء دعوات الكفر والإلحاد والنصرانية مثلا أو غيرها من ملل الكفر ومن مذاهب الكفر- أحيانا تقوم على الإغراء بالمال،
فقد يكفر الإنسان إيثارا للدنيا، ومن أجل الدنيا، وهذا قد وقع ويقع قديما وحديثا يبيع دينه بعرض من أعراض الدنيا إما أن يبيع دينه، يعني ينسلخ ويقبل يرتد عن الإسلام من أجل منصب،
من أجل مال يُعطى إياه ويدفع إليه، من أجل وعود، وإما أن يتنازل عن شيء من دينه، يبيع دينه بعرض من الدنيا، وهذا من أخطر ما يكون، فنسأل الله لنا ولكم الثبات م مــــ مآجده ـلآك الروح