ALZAHRAALMOSLMA
عدد الرسائل : 1368
| موضوع: المكانة الشعورية للحياة في نفس المؤمن الأحد 22 مارس - 12:46:01 | |
| المكانة الشعورية للحياة في نفس المؤمن
| الشيخ حسين معن ان أشياء الحياة، وظواهرها، تدرك في شعور المؤمن في سياق مركب شامل يضم اطراف الوجود كله من حيث المبدأ والغاية، والسنن الجارية فيه وفي هذا المركب الشامل الذي يضع المؤمن فيه أشياء الحياة، وظواهرها سوف يعطي كل شيء منها، قيمته الحقيقية فلا (يحقر) ولا (يصنم). وقد نشأ في اطوار الحضارة المادية، وحتى في الحضارة المادي المعاصرة اتجاهان مختلفان، يمثلان الانعكاس الطبيعي للنظرة المادية إلى العالم. (الأول): الاتجاه القائم على تصنيم ظواهر الحياة وبالخصوص ما يتعلق منها بالهوى، والشهوة ومن هنا اصبحت عبادة الدنيا البديل الطبيعي عن عبادة الله، والتواجد الشعوري للدنيا في نفس الإنسان بديلا عن التواجد الشعوري لله، وحقائق الوجود الكبرى. (الثاني): الاتجاه القائم على تحقير الحياة، وتفريغها من أي معنى وهنا يشعر الإنسان بالغربة في هذا الوجود والعبث، والغثيان، والقلق، الخ. نتيجة لعدم الإيمان بارتباط هذا الكون بمبدأ وغاية وجودية والإنسان المؤمن في ارتباطه بالله عز وجل وتعامله مع العالم من خلال التصور الإسلامي له يضع الأشياء، والحياة في مواضعها الطبيعية ويمنحها القيم التي تستحقها. فلأنه يدرك ان كل هذه الظواهر الكونية اعراض وجوديةـ لوصح التعبيرـ وان الحقيقة الوجودية الكاملة التامة هي الله، والله وحده وان كل ما في الكون يأتي ويروح وكل شيء فان، وان أشياء هذه الحياة من اموال وبنين، ونساء ليس لها قيمة الا من خلال كونها (نعما) الهية، ووسيلة خير فهوـ لهذاـ لا يمكن ان يصنم هذه الأشياء، والظواهر ولا يمكن أن تحتل في شعوره وتفكيره ما يحتله الله تعالى. ولأنه يدرك ان هذا الكون هو فعل تعالى الله وان الحياة نعمة من نعمه، هي وما فيها من أشياء، وانها يمكن ان تكون طريقا، ووسيلة تنتهي به إلى خر دائم.. وسعادة ابدية يغطيها رضوان الله تعالى. فهو لا يمكن بحال أن (يحقر) الحياة أو يتعامل معهاـ والعياذ بالله- كعبث الله معنى له. ولأنه يدرك، ويعلم بأن هذه الحياة مرحلة من الحياة كلفه الله نعالى فيها، واختبره استخلفه للقيام بدرو معين ونمط معين من السلوك، والاعتقاد فهي ليست لديه تحللا من القيم، وانهما كا في اللذات، وركضا وراء الشهوة، والأهواء. وهكذا فإن لدى المؤمن ثلاثة احساسات تجاه الحياة: 1ـ الإحساس بهذه الحياة كـ (نعمة الهية) وخير الهي يتفضل به الله على هذا الكائن الفقير. وهو احساس لا ينتهي إلى (الشكر) فقط، وإنما إلى الانفتاح النفسي على الحياة، والتجاوب الشعوري معها أيضا وبعض الناس ينظرون غلى النعم الالهية من مال وبنين ونساء.. بنظرة شؤم، وتطير.. لأنها في اعتقاده هي مصائد الشيطان، وحبائل مكره، وخدعه وهذا خطأ.. فإن أشياء هذه الحياة نعم الله.. وخيره، وبركاته، وتفضلاته على الناس.. وحبائل الشيطان، وخدعه ليست هذه الأشياء بذاتها.. وإنما هي اهواء النفس المرتبطة والمتعلقة بها. 2ـ الإحساس بهذا الحياة كمرحلة عابرة في مسيرة الحياة تمهد إلى حياة دائمة خالدة، والإحساس بقصر مدتها وحركة احداثها، وعدم استقرارها لاحد.. وهي بهذا تسمى (دنيا) لأنها أدنى من ان تمتلك قلب المؤمن أو تكون محطا لعبادته، وهواه. وتربية هذا الإحساس من أهم ما حاوله القرآن الكريم والهداة المعصومون (ع) باعتباره من قمم الإحساسات والمشاعر الإيمانية التي بتميز بها الإنسان المؤمن.. "ارضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة؟ فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة الا قليل" . "انما مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس، والانعام، حتى اذا اخذت الارض زخرفها، وازينت، وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا، أو نهار، فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون" . "وفرحوا بالحياة الدنيا، وما الحياة الدنيا في الآخرة لا متاع" . "واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فالمختلط به نبات الأرض، فاصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدار، المال والبنون زينة الحياة الدنيا والبقايات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخيرا املا" . "وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون" . وهناك آيات كثيرة تؤكد هذا المعنى، وهناك عدد هائل من النصوص الواردة في تصوير عريضية الحياة الدنيا وزوالها.. وكونها منطقة عبور، وممر للآخرة، ومرحلة تمهيدية لها.. والغرض من هذا ليس (تفهيم) المسلمين مذه القضية الواضحة لديهم، وانما (تحسيسهم) بذلك وتوعيتهم عليه حتى تكون لديهم (بصيرة) من بصائرهم ورؤية فكرية واضحة لديهم تهديهم الطريق، وتدفعهم إلى العمل. ان وعينا الحياة الدنيا على حقيقتها، والاحساس بنهايتها ومرحلتها هو الطريق الطبيعي لأنها حالة الركون إلى الدنيا، ومعانيها، والركض وراءها والهم ليها.. يضيع الإنسان المؤمن احيانا في هذه الدنيا.. فتراه يبني له أحلاما واسعة، يستهدف بها الجاه، والمركز.. والمجد والذكر الحسن عند الناس، وينهمك في هذه الحياة.. فيتصارع مع اخوته على معان زائفة فيها.. لماذا؟ لانه يفتقد في هذه اللحظات احاسيس المؤمنين، ومشاعرهم ولا يملك فعلا وعيا كونيا عاما يهديه الطريق ويحدد له القيم الكبيرة لمعاني الإيمان، والقيم الصغيرة لتوافه الحياة الدنيا، ومعانيها المبتذلة. إن مشكلة الإنسان المسلم، وكل إنسان أن يفهم أكثر بكثير مما يعي، ويعيش في مدراكه، مشاعره، ويعي أكثر مما يطبق، وينسجم نفسيا مع ما يعيه، ويشعر به. ان هذا الوعي بعرضية الحياة الدنيا، ومرحليتها لا يعطي قيمته في مقام العمل الاعتيادي.. وانما أيضا في مجال المواجهة، والتصدي لاضطهاد الجاهلية وسخرية الناس واستهزائهم، ومن هنا أكد عليه القرآن الكريم في عملية إعداد الرسول (ص) في موارد متعددة. "اصبر عل ما يقولون، واهجرهم هجرا جميلا. وذرني والمكذبين اولي النعمة، ومهلهم قليلا: ان لدنيا انكالا، وجحيما، وطعاما ذا غصة، وعذابا اليما". "لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم ما واهم جهنم، وبئس المهاد". "فاصبر صبرا جميلا.. انهم يرونه بعيدا. ونراه قريبا. يوم تكون السماء كالمهل. وتكون الجبال كالعهن. ولا يسأل حميم حميما". ان تنمية الوعي الكوني، وتوسيع افق المؤمن، واطار تفكيره من اهم ما يعتني به القرآن الكريم.. وذلك ان شخصية الإنسان تنمو بمقدار توسع افاقه،ـ ونمو وعيه الكوني الكلي الشامل، فانت اذ تتحسس الحياة بشمولها وتعي هذه الحياة مرحلة عابرة. وتعيش هذا الوعي فسوف ترى كم يكون الطغيان تافها. وكم يكون الطغاة.. صغارا في الحساب التأريخي، وحساب الحياة في شمولها وسعتها.. وحساب الكون، وخالق الكون.. وسوف تبصر بعينيك القيمة الصغيرة لكل جاهلية، وللجاهلية كلها في حساب الحياة. 3- الإحساس بالحياة الدنيا على انها دار فتنة، واختبار على انها مرحلة لاختبار الفعالية البشرية، واخلاقية هذا الإنسان في مقام عبوديته |
مآآآآآآآآآآآآجى | |
|