باب ذكر نبينا محمد
................................
صلى الله عليه وسلم وذكر نسبه
عن عمر بن حفص السدوسي قال: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار.
....
و أم رسول الله.صلى الله عليه وسلم
آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة.
قلت: و أما نزار فهو ابن معد بن أد بن أدد بن الهميسع بن حمل بن النبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام
........................
ذكر طهارة آبائه وشرفهم
عن واثلة بن الأسقع أن النبي. صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم: إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل: كنانة واصطفى من بني كنانة: قريشا، واصطفى من قريش: بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم .
.......
ذكر تزويج عبد الله بن عبد المطلب
آمنة بنت وهب كان عبد المطلب قد خطب آمنة لابنه عبد الله، فزوجها إياه فبقي معها مدة وجرت له قصة قبل حملها برسول الله.صلى الله عليه وسلم عن أبي فياض الخثعمي، قال: مر عبد الله بن عبد المطلب بامرأة من خثعم يقال لها فاطمة بنت مر ، وكانت من أجمل الناس و أشبه و أعفه، وكانت قد قرأت الكتب، وكان شباب قريش يتحدثون إليها فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقالت: يا فتى: من أنت? فأخبرها. فقالت: هل لك أن تقع علي وأعطيك مائة من الإبل? فنظر إليها وقال:
أما الحرام فالممات دونه والحل لا حل فأستبينـه فكيف بالأمر الذي تنوينه ثم مضى إلى امرأته آمنة فكان معها.
ثم ذكر الخثعمية وجمالها وما عرضت عليه فأقبل إليها فلم ير منها من الإقبال عليه اخرا كما رآه منها أولا، فقال: هل لك فيما قلت لي? فقالت: قد كان ذلك مرة فاليوم لا ، فذهبت مثلا. وقالت: أي شيء صنعت بعدي? قال: وقعت
على زوجتي آمنةبنت وهبة قالت: والله إني لست بصاحبه زينة ولكني رأيت نور النبوة في وجهك فأردت أن يكون ذلك في، فأبى الله إلا أن يجعله حيث جعله.
............
ذكر حمل آمنة برسول الله
روى يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن عمته قالت: كنا نسمع أن آمنة لما حملت برسول الله. صلى الله عليه وسلم كانت تقول: ما شعرت أني حملت ولا وجدت له ثقلا كما تجد النساء إلا أني أنكرت رفع حيضي و أتاني آت و أنا بين النوم واليقظة فقال: هل شعرت أنك حملت? فكأني أقول: ما أدري. فقال: إنك قد حملت بسيد هذه الامة ونبيها، وذلك يوم الاثنين. قالت: فكان ذلك مما يقن عندي الحمل. فلما دنت ولادتي أتاني ذلك فقال: قولي أعيذه بالواحد الصمد من شر كل حاسد.
..............
ذكر وفاة عبد الله
قال محمد بن كعب: خرج عبد الله بن عبد المطلب في تجارة إلى الشام مع جماعة من قريش، فلما رجعوا مروا بالمدينة وعبد الله مريض فقال: أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار. فقام عندهم شهرا ومضى أصحابه فقدموا مكة، فأخبروا عبد المطلب فبعث إليه ولده الحارث فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة وهو رجل من بني عدي، فرجع إلى أبيه فأخبروه فوجد عليه وجدا شديدا ورسول الله. صلى الله عليه وسلم يومئذ حمل. ولعبد الله يوم توفي خمس وعشرون سنة وقد روي عن عوانة بن الحكم أن عبد الله توفي بعد ما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون شهرا، وقيل سبعة أشهر. ولاقول الأول أصح وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حملا يومئذ. وترك عبد الله أم أيمن وخمسة أجمال وقطعة غنم فورث رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وكانت أم أيمن تحتضنه.
......................
ذكر مولد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
اتفقوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين في شهر ربيع الأول عام الفيل واختلفوا فيما مضى من ذلك الشهر لولادته على أربعة أقوال أحدها: أنه ولد ليلتين خلتا منه، والثاني: لثمان خلون منه، والثالث: لعشر خلون منه، والرابع: لاثنتي عشرة خلت منه.
وروى محمد بن سعد عن جماعة من أهل العلم أن آمنة قالت: لقد علقت به فما وجدت له مشقة، وأنه لما فصل عنها خرج له نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب ووقع إلى الأرض معتمدا على يديه.
وقال عكرمة: لما ولدته وضعته برمة فانقلعت عنه، قالت: فنظرت إليه فإذا هو قد شق بصره ينظر إلى السماء.
وقال العباس بن عبد المطلب: ولد رسول الله. صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورا، فأعجب ذلك عبد المطلب وحظي عنده وقال: ليكونن لابني هذا شأن من شأن، فكان له شأن.
وروى يزيد بن عبد الله بن وهب عن عمته: أن آمنة لما وضعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى عبد المطلب، فجاءه البشر وهو جالس في الحجر، فأخبرته بكل ما رأت وما قيل لها وما أمرت به فأخذه عبد المطلب فأدخله الكعبة وقام عندها يدعو الله ويشكر ما أعطاه -وروي أنه قال يومئذ -. المطلب فأدخله الكعبة وقام عندها يدعو الله ويشكر ما أعطاه
الحمد لله الذي أعـطـانـي هذا الغلام الطـيب الأردان
قد ساد في المهد على الغلمان أعيذه بالـلـه ذي الأركـان
حتى أراه بالـغ الـبـنـيان أعيذه من شر ذي شـنـآن
من حاسد مضطرب العيان وفي حديث العباس بن عبد المطلب أنه قال: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك. قال: قل لا يفضض الله فاك: فأنشأ يقول:
من قـبـلـهـا طـبـت فـي الـظــلال وفـــي مسـتـودع حــيث يخـــصـــف الـــورق
ثم هـبـطـــت الـــبـــلاد لا بـــشـــر أنـــت ولا مـــضـــغة ولا عـــلــــق
بل نـطـفة تـركـب الــســـفـــين وقـــد ألـجـم نـسـرا وأهـــلـــه الـــغـــرق
تنـقـل مــن صـــالـــب إلـــى رحـــم إذا مـضـى عــالـــم بـــدا طـــبـــق
حتـى إذا احـتـوى بـيتـك الـمـهـيمـن مـــن خنـدق عـلـياء تـحـتـهـا الـــنـــطـــق
و أنـت لـــمـــا ولـــدت أشـــرقـــت الأرض و ضـــاءت بـــنـــورك الأفـــق
فنحن من ذلك الضياء، وفي النور،وسبل الرشاد نخترق.
....................
ذكر أسماء رسول الله
عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال رسول الله.صلى الله عليه وسلم لي خمسة أسماء،أنا محمد و أحمد و أنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر و أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي أنا العاقب -رواه البخاري مسلم.
وفي أفراد مسلم من حديث أبي موسى قال: سمى لنا رسول الله. صلى الله عليه وسلم نفسه فقال: انا محمد وأحمد والمقفي والماحي والحاشر ونبي التوبة والملحمة -وفي لفظ نبي الرحمة -.
وقد ذكر أبو الحسين بن فارس الغوي أن لنبينا صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر اسما، محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب والمقفي ونبي الرحمة ونبي التوبة والملحمة والشاهد والمبشر والنذير والسراج المنير والضحوك والقتال والمتوكل والفاتح والأمين والخاتم والمصطفى والنبي والرسول، والأمي، والقثم.
والماحي: الذي يمحى به الكفر، و الحاشر: الذي يحشر الناس على قدميه أي يقدمهم وهم خلفه، و العاقب: آخر الأنبياء، والمقفي: بمعنى العاقب لأنه تبع الأنبياء، وكل شيء تبع شيئا فقد قفاه. و الملاحم: الحروب والضحوك: صفته في التوراة. قال ابن فارس: وإنما قيل له الضحوك لأنه كان طيب النفس فكها، وقال: إني لأمزح.
والقثم من معنين: أحدهما من القثم وهو الإعطاء، يقال قثم له من العطاء يقثم إذا أعطاه. وكان عليه السلام أجود بالخير من الريح الهبابة والثاني: من القثم هو الجمع يقال للرجل الجموع للخير قثوم و قثم و الله أعلم. بالخير من الريح الهبابة والثاني
.................
ذكر من أرضعه
قالت برة بنت أبي تجرأة: أول من أرضع رسول الله. صلى الله عليه وسلم ثويبة بلبن ابن لها، يقال له مسروح، أياما قبل أن تقدم حليمة. وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، و أرضعت بعده سلمة بن عبد الأسد، ثم أرضعته حليمة بنت عبد الله السعدية.
و عن حليمة ابنة الحارث، أم رسول الله. صلى الله عليه وسلم التي أرضعته، -السعدية -قالت: خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر بن هوازن نلتمس الرضعاء بمكة فخرجت على أتان لي قمراء قد أدمت بالركب قالت: و خرجنا في سنة شهباء لم تبق لنا شيئا أنا و زوجي الحارث بن عبد العزى، وقالت: ومعنا شارف لنا والله إن تبض علينا بقطرة من لبن، ومعي صبي لنا والله ما ننام ليلنا من بكائه ما في ثديي لبن يغنيه ولا في شارفنا من لبن يغذيه، إلا أنا نرجو الخصب والفرج. فلما قدمنا مكة لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله. صلى الله عليه وسلم فتأباه، وإنما كنا نرجو الكرامة في رضاعة من نرضع له، من والد المولود، و كان يتيما.). فقلنا ما عسى أن تفعل بنا أمه? فكنا نأبى حتى لم تبق من صواحباتي امرأة إلا أخذت رضيعا، غيري. قالت: فكرهت أن أرجع و لم آخذ شيئا وقد أخذ صواحباتي. فقلت لزوجي الحارث: و الله لأرجعن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه.
قالت: فأتيته فأخذته ثم رجعت به إلى رحلي. قالت: فقال لي زوجي: قد أخذته? قلت نعم، وذلك أني لم أجد غيره. قال: قد أصبت عسى أن يجعل الله فيه خيرا.
قالت: والله ما هو إلا أن وضعته في حجري فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي، وشرب أخوه حتى روي، وقام زوجي الحارث إلى شارفنا من الليل فإذا هي تحلب علينا ما شئنا، فشرب حتى روي، وشربت حتى رويت. قالت فبتنا بخير ليلة شباعا رواء. قالت: فقال زوجي: و الله يا حليمة ما أراك إلا قد أصبت نسمة مباركة، قد نام صبيانا وقد روينا و رويا.
قالت: ثم خرجنا. قالت: فو الله لخرجت أتاني أمام الركب قد قطعتهم حتى ما يتعلق بها منهم أحد، حتى إنهم ليقولون: ويحك يا بنت الحارث، كفي علينا، أليست هذه أتانك التي خرجت عليها? فأقول بلى والله. فيقولون: إن لها لشأنا.حتى قدمنا منازلنا من حاضر منازل بني سعد بن بكر. قالت: فقدمنا على أجدب أرض الله. قالت: فوالذي نفس حليمة بيده إن كانوا ليسرحون أغنامهم إذا أصبحوا، و أسرح راعي غنمي وتروح غنمي حفلا بطانا وتروح أغنامهم جياعا هالكة مالها من لبن، فنشرب ما شئنا من اللبن و ما من الحاضر من أحد يحلب قطرة ولا يجدها. قالت: فيقولون لرعاتهم: ويلكم ألا تسرحون حيث يسرح راعي غنم حليمة? فيسرحون في الشعب الذي تسرح فيه غنمي وتروح أغنامهم جياعا مالها من لبن وتروح غنمي حفلا لبنا.
قالت: وكان يشب في اليوم شباب الصبي في شهر، و يشب في الشهر شباب الصبي في سنة. قالت، فبلغ سنين وهو غلام جفر. قالت: فقدمنا به على أمه فقلت لها أو قال لها زوجي: دعي ابني فلنرجع به فإنا نخشى عليه وباء مكة قالت: و نحن أضن شيء به لما رأينا من بركته.). فلم نزل به حتى قالت: ارجعا به. قالت: فمكث عندنا شهرين.
قالت: فبينما هو يلعب يوما من الأيام هو وأخوه خلف البيت إذا جاء أخوه يشتد فقال لي و لأبيه: أدركا أخي القرشي فقد جاءه رجلان فأضجعاه فشقا بطنه قالت فخرجت وخرج أبوه يشتد نحوه فانتهينا إليه و هو قائم منتقع لونه فاعتنقته و اعتنقه أبوه وقال: مالك يا بني? قال: أتاني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني فشقا بطني، و الله ما أدري ما صنعا.
قالت: فاحتملناه فرجعنا به. قالت يقول زوجي: و الله يا حليمة ما أرى الصبي إلا قد أصيب. فانطلقي فلنرده إلى أمه قبل أن يظهر به ما نتخوف عليه. قالت فرجعنا به إلى أمه، فقالت ما ردكما به فقد كنتما حريصين عليه? فقلنا: لا والله إلا أنا كفلناه وادينا الذي علينا من الحق فيه، ثم تخوفنا عليه الأحداث فقلنا: يكون عند أمه قالت: فوالله ما زالت عند أمه فقالت: والله ما ذاك بكما فأخبراني خبركما وخبره. قالت: فوالله مازالت بنا حتى أخبرناها خبره. قالت أتخوفتما عليه? لا والله إن لإبني هذا شانا إلا أخبركما عنه: إني حملت به فلم احمل حملا قط هو أخف منه ولا اعظم بركة منه، لقد وضعته فلم يقع كما يقع الصبيان، لقد وقع واضعا يده في الأرض رافعا رأسه إلى السماء. دعاه والحقا بشأنكما.
قال الشيخ: وظاهر هذا الحديث يدل أن آمنة حملت غير رسول الله.)؛ وقد قال الوقدي: لا يعرف عند أهل العلم أن آمنة وعبد الله ولدا غير رسول الله ).
فأما حليمة: فهي بنت أبي ذؤيب واسمه عبد الله بن الحارث بن شحنة بن جابر السعدية، قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تزوج خديجة، فشكت إليه جدب البلاد فكلم خديجة فأعطتها أربعين شاة و أعطتها بعيرا، ثم قدمت عليه بعد النبوة فأسلمت وبايعت و أسلم زوجها الحارث بن عبد العزى.
قال محمد بن المنكدر: استأذنت امرأة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانت أرضعته، فلما دخلت قال أمي أمي، وعمد الى ردائه فبسطه لها فجلست عليه.
قأما ثويبة فهي مولاة أبي لهب ولا نعلم أحدا ذكر أنها أسلمت غير ما حكى أبو نعيم الأصفهاني أن بعض العلماء قال: قد اختلف في إسلامها.
وروى الواقدي عن جماعة من أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرم ثويبة ويصلها وهي بمكة، فلما هاجر كان يبعث إليها بكسوة وصلة، فجاءه خبرها سنة سبع مرجعه من خيبر أنها توفيت.
عن عروة قال: كانت ثويبة لأبي لهب وأعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب رآه بعض أهله في النوم، قال ماذا لقيت يا أبا لهب? فقال ما رأيت بعدكم روحا غير أني سقيت في هذه مني بعتقي ثويبة. قال و أشار إلى بين الإبهام والسبابة.