الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فـ"العقيدة في الصحابة والإمامة" هي جزء من العقيدة التي يحرص السلفيون على الاهتمام بها، وتدارسها بين العامة والخاصة كل بحسبه، والشيعة هي أحد أخطر الفرق المنحرفة في هذا الباب، والتي يتم التعرض لها في أثناء هذه الدراسة.
يتم ذلك في أوساط الحركات السلفية وإن لم تكن في خط المواجهة مع الشيعة؛ ومن ذلك ما كان يتم في أوساط الحركة السلفية الطلابية في أواسط السبعينات.
ولكن بعض فصائل الحركة الإسلامية كانت تعتبر هذا الأمر نوعًا من النبش في الماضي، وكانت تعتبر أن الشيعة المحكي عنهم في الكتب انقرضوا منذ زمن بعيد، إلى أن عاد شبح الشيعة في أواخر السبعينات على يد "الخُمينى"؛ والذي أطلق تصريحات معسولة حول انتهاء الخلاف بين السنة والشيعة؛ رغم أن كتبه التي نظـَّر بها لثورته مليئة بأباطيل الشيعة من أولها إلى آخرها.
ثم ازداد الأمر سفورًا ووضوحًا عندما وضع دستور بلاده ينص على أن مذهب الدولة هو المذهب الجعفري الاثنا العشري، ولكن أصحاب نظرية انقراض الشيعة زعموا أن الشيعة المعادين للسنة قد انقرضوا، وأننا أمام جيل جديد من الشيعة يحب الصحابة ويحترم أمهات المؤمنين، وبالتالي يحب أهل السنة؛ بيد أنهم ما زالوا يتسمون "بالشيعة".
وقد اتبع هؤلاء الأفاضل نظرية "لا أرى لا أسمع ولكن أتكلم بما تمنيت" فلم يروا الكتب التي نشرتها "الثورة الإيرانية" ولا الدروس التي يلقيها رءوسهم -لا سيما في عاشوراء- ولا رأوا محنة أهل السنة في "إيران". فقط ظلوا يرددون ما تمنوه من أن "الشيعة الجدد" سنة يتسمون بالشيعة، وأقصى ما تجد عندهم حب زائد لعلي -رضي الله عنه-.
وجاءت أحداث حماة سـ1982ـنة حينما دك "الأسد" مدينة "حماة" السنية في ظل ترحيب كامل من حليفته "إيران"؛ التي كانت حليفته أثناء الشاه، واستمر الحلف بعد الثورة؛ رغم أن الغلبة في مدينة "حماة" كانت لـ"الإخوان المسلمين" الذين كانوا آنذاك يهتفون لـ"الخُميني" في كل مكان؛ فأفاق منهم من أفاق مثل الأستاذ "سعيد حوى" -رحمه الله- الذي كتب كتابًا بعنوان
(الخُمينية شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف).
وإن بقى الكثيرون لا يريدون أن يحملوا الخُميني أخطاء حلفائه.
ثم جاءت أحداث مذبحة "حركة أمل الشيعية" في "لبنان للفلسطينيين" في "صابرا وشاتيلا" سـ1985ـنة، والتي فاقت مذبحة اليهود والمارون في نفس المخيميْن سـ1982ـنة.
و"الخُمينى" ملتزم الصمت رغم أن "حركة أمل" ليست حليفة له كنظام سوريا وإنما تابعة، ومع ذلك ظل الحالمون في حلمهم بأن ولاء شيعة اليوم للأمة لا لشيء آخر.
وجاء الغزو الأمريكي لـ"العراق" ليعيد إلى الأذهان خيانة "نصير الدين الطوسي" و"ابن العلقمي" اللذيْن تغنى " الخُمينى " بأمجادهما، ولا يذكر لهم في التاريخ إلا دورهم القذر في تسليم "بغداد" للتتار، كذلك سلم "الصدر" وإخوانه "بغداد" مرة ثانية لأمريكا؛ مع أنها الشيطان الأكبر في زعمهم، ولم يكن الأمر مجرد تشفي في صدام؛ بل تعداه إلى حربهم للمقاومة السنية التي قامت بعد سقوط صدام لشغلهم عن مقاومة الأمريكان؛ كل ذلك برعاية إيرانية ما زالت تتم في العلن حتى يومنا هذا.
إلا أن هذه الفضائح لم تأخذ حظها من البيان حيث طغى عليها ظهور "حزب الله" على الساحة في دور حامي حمى العرب، وقائد أوحد للمقاومة في وجه العدو الصهيوني.
وازداد بريقًا ولمعانًا في حربه ضد اسرائيل سـ2006ـنة، تلك الحرب والتي شنها بالوكالة لإعطاء "إيران" ورقة تفاوضية في علاقتها بـ"أمريكا"، وقد تم لهم ما أرادوا بينما لم تستفد القضية الفلسطينية من ذلك إلا استمرار حصار "حزب الله" لأي عمل فلسطيني ضد إسرائيل ينطلق من الجنوب اللبناني.
وكانت البلية في أحداث سـ2006ـنة أنها تعدت نطاق الحركة الإسلامية إلى العوام؛ مما أنذر بمحاولات تشيع عقدي بين صفوف السنة، صمّ معظم الإسلاميين الموهومين بالشيعة الجدد آذانهم عنها، وإن كان بعضهم قد وقف في ذلك موقفًا محمودًا كالشيخ "يوسف القرضاوي" والذي أطلق تحذير تلو الآخر، والعجب ألا يجد آذانًا صاغية ممن يعتبرونه المرجعية السنية الأولى في العالم.
وجاءت أحداث غزة سـ2009ـنة لتكشف للدنيا بأسرها كذب دعاوى "حسن نصر" و"حزب الله"، وأنه لم ولن يتحرك، ولن يخسر شيئًا من الأرض الثابتة تحت قدمه من أجل القضية الفلسطينية، ولكن لا بأس بدعم المقاومة الفلسطينية داخل فلسطين إذا كان ذلك سيفتح له الأبواب المغلقة أمام تشييع الفلسطينيين.
ولا مانع أن تنتشر خلاياه في العالم الإسلامي لدعم فلسطين عملاً بقاعدة الطريق إلى فلسطين يمر بالعراق كما أعلنها "الخُمينى" من قبل، وإن كانت الجغرافيا قد ساعدت "الخُمينى" على ادعائه إلا أن الجغرافيا لا تساعد "حسن نصر الله" أبدًا، وهو الذي يتاخم "اسرائيل"، ومع ذلك ارتبط معها باتفاق تفاهم -معاهدة سلام بالعبارة الصريحة- تحدد موطن المواجهة بينهما بمزارع شعبا.
إذًا فبناء على هذه المعاهدة فلا طريق لحرب إسرائيل إلا "مصر" و"اليمن" و"البحرين" رغم أن الأخيرتين لا يقل بعدهم عن "إسرائيل" عن بعد "إيران" عنها.
ورغم أن "الرئيس الإيراني نجاد" الذي حضر "قمة قطر الاستثنائية" بمناسبة أحداث غزة ألقى خطابًا من عل ينصح فيه "العرب" أن يستخدموا كل الطرق للضغط على "إسرائيل" دون أن يعلن أي تحرك إيجابي من جهة "إيران".
والآن وبعد أن تم اكتشاف خلايا تنظيمية تابعة لـ"حزب الله" في بعض البلاد العربية ومنها "مصر"؛ فما هو موقف الداعمين لموقف الشيعة؟!، البعض منهم ما زال يدافع متذرعًا بالانحرافات الموجودة في هذه البلاد؛ متناسيًا أن ساحة العمل الإسلامي تشهد في هذه الآونة أكثر من أي وقت مضى ما يشبه الإجماع على رفض كل صور المواجهة المسلحة؛ بل تعدى الأمر إلى أن "جماعة الإخوان المسلمين" على لسان مرشدها شددت على أنها لا يمكن أن تقوم بأي دعم عسكري للمقاومة الفلسطينية إلا من خلال القنوات الرسمية مع أن الإخوان يمتلكون قنوات شبه رسمية؛ مما يؤكد أن اختيار البعد عن المواجهة المسلحة أو ما يمكن أن يجر إليها يمثل مصلحة أساسية للحركة الإسلامية في مصر، ويمثل مصلحة أساسية للمجتمع الذي يريد الدعاة إلى الله إصلاحه لا تحويله إلى ساحة قتال لن تؤدى إلى تحرير "المسجد الأقصى"، ولكن قد تؤدى إلى مزيد من السيطرة الغربية على بلاد المسلمين كما حدث في العراق وغيرها.
الحاصل أن الجماعات الإسلامية التي كانت تسارع إلى التبرؤ من أي عمل مسلح تقوم بها اتجاهات مسلحة سنية آنذاك عليها وبدرجة مضاعفة أن تستنكر أي تفكير شيعي في التواجد بين صفوف السنة؛ كما استنكر ذلك "الشيخ القرضاوي". وأن يتضاعف حينما يتعلق الأمر بحمل السلاح، ولو تحت زعم نصرة القضية الفلسطينية الذي يعلم الجميع أن "حزب الله" لو كانت هذه نيته ووجهته لوجد إليها طرقًا أقصر بكثير من ذلك؛ ولكنه يتستر وراء هذا الأمر لعلمه أن دعاة السنة لا يمكن بحال من الأحوال أن يدينوا تقديم الدعم لـ "غزة"، ولكن واقع الأمر إن حجم تواجد هذا التنظيم الشيعي وتوزيعه الجغرافي يبين كذب هذا الادعاء، كما أن حجم الدعوة إلى التشييع خارج إطار تلك الخلية التنظيمية يدل على وجود مخطط تواجد تنظيم شيعي دعوى، بل وعسكري، وقضية استخدام نصرة القضية الفلسطينية كذريعة لتكوين ميلشيات مسلحة عادة قديمة قامت بها "حركة أمل الشيعية" في "لبنان" والتي انشق عليها "حزب الله" فيما بعد تحت مسمى "أمل الإسلامية" ثم تحت مسمى "حزب الله" وكان "حسن نصر الله" الأمين العام الحالي لـ"حزب الله" عضوًا في كل هذه الحركات على التوالي، وبلغ من حبك "حركة أمل" للدور أن "منظمة التحرير الفلسطينية" لما أجبرت على مغادرة "لبنان" سـ1982ـنة تركت سلاحها وديعة لدى "حركة أمل الشيعية" ظنًا منهم أنهم أغير الناس على القضية الفلسطينية ليحموا بها اللاجئين الفلسطينيين في "لبنان"؛ فتركوهم يواجهون اليهود والنصارى وحدهم في سـ1982ـنة دون تدخل ثم عادوا هم فقاموا هم بمذبحتهم الخاصة في سـ1985ـنة.
ويجب أن يعلم الجميع أن السني في العقيدة الشيعية لا يستحق الحياة وليس له من جزاء عندهم إلا القتل إما بأيديهم وإما بأيدي الإمام الغائب؛ عندما يعود فيبهرج العرب أي يقتلهم قتلاً شديدًا كما تقول كتبهم. بينما لا تكاد تجد لهم هم في قتال الكفار فلا يقاتلونهم إلا لصراع على ملك متى حسم عسكريًا أو حُلَّ تفاوضيًّا -كما يجرى الآن- عادت المياه إلى مجاريها بينهم وبين الأمم الأخرى، وإن سموها أثناء خلافهم معها بالشيطان الأكبر.
والساحة اللبنانية والأفغانية والعراقية ومن قبلهم الساحة الإيرانية ذاتها والتي يصم الكثيرون منهم آذانهم عن سماع استغاثتهم شاهدة بذلك.
وأما العوام فلا يكادون يسمعون الكلام عن العنف وضرب الاقتصاد وغير ذلك إلا وتحركت ثائرتهم وامتلأت قلوبهم غيظا على المتسبب في ذلك؛ لا سيما والأزمة الاقتصادية والبطالة لم تبقِ لأي أزمة أخرى شيئًا لتأتي عليه.
وقد يرى بعض دعاة السنة أن هذا من باب "رب ضارة نافعة"، وأن التحصين النفسي الذي كنا نسعى إلى إيجاده في نفوس العامة قد وجد، وقد يكون هذا الكلام صحيحًا إلى حد ما، ولكن يبقى أن هذا نذير خطر عظيم؛ وهو أن الناس كانوا أشد انزعاجًا لمَّا قيل لهم ضرب الاقتصاد ونحوها عما كانوا عليه عندما كان يقال لهم أعراض الصحابة وأعراض أمهات المؤمنين؛ بل ودماء المسلمين في العراق و لبنان.
إن انزعاج الناس لأمر الدنيا مع عدم اكتراثهم لأمر الدين خطر عظيم يحتاج إلى علاج سريع؛ لتعود الأمور إلى نصابها الصحيح من الحب في الله والبغض في الله ومن وضع الدين في موضعه الصحيح؛ وإلا فإن الذي يحدث في قضية الشيعة هو تكرار لما يحدث في قضية النصارى حيث يسارع الناس إلى مودتهم وصداقتهم مرددين قوله -تعالى-:
{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] في غير موضعه؛ فإذا حدثت بينهم خصومة دنيوية ثاروا لها ووقعت الفتن، مع أن الواجب هو الحذر من عقيدتهم أولا، وبغضهم عليها مع معاملتهم في الدنيا بالعدل لا العكس.
نعم يوجد كثير من الناس ممن كان يأخذ كلامنا على الشيعة مأخذ الشك مؤثرًا عليه -ولو بدافع العاطفة- كلام من يبرئهم من ذلك كله وأما وإذا تغيرت الأمور فالفرصة سانحة لتثبيت الحقيقة في الأذهان ولإيجاد رفض حقيقي للتشيع؛ لا لاستهدافهم اقتصاد الشعوب السنية وأمنها فحسب؛ ولكن في المقام الأول لاستهدافهم عرض أمهات المؤمنين وتاريخ الصحابة الكرام؛ وذلك بهدف تحصين أهل السنة ضد هذه البدعة الخبيثة، وبهدف دعوة المخدوعين من الشيعة سواء ولدوا شيعة أو تشيعوا بعد إذ كانوا سنة، فمع استمرار فضح المذهب الشيعي وعدوانه على الصحابة بل وعلى آل البيت أنفسهم يخرج الله من شاء من ظلمات الباطل إلى نور الحق، و لا يبقى في البدعة إلا من اختار لنفسه طريق الغواية مع استبانه طريق الهدى.
www.salafvoice.com
موقع صوت السلفعبدالمنعم الشحاتمـــ مآجده ـلآك الروح