بيان حدود عورة المرأة للمرأة
السؤال:
أفيدونا ما هى عورة المرأة على المرأة المسلمة وعلى المرأة الأجنبية وهل يوجد عوره للمرأة على أمها والعكس وما رأي الدين في مراكز التجميل لإزالة الشعر والتدليك فقط حيث إنها تكشف عورة المرأة على النساء العاملات في المركز والتي يذهب إليها عدد كبير من العرائس قبل الزفاف ؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فإنَّ عورة المرأة المسلمة التي يجب سترها أما للمرأة المسلمة هي ما بين السرَّة والركبة، سواء كانت قريبة أم بعيدة، كعورة الرجل أمام الرجل؛ وأمَّا عورة المرأة المسلمة عند الكافرة ففي تحديدها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنَّها كعورة المرأة المسلمة أمام مثلها؛ واستدلوا بقول الله عز وجل: ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زنتهن إلا لبعولتهن ) إلى قوله سبحانه وتعالى: ( أو نسائهن )
فإنَّ الله عز وجل أمر المرأة بالحجاب أمام الرجال ما عدا المحارم؛ و قالوا إنَّ المراد بالنساء: المسلمات وغير المسلمات؛ وأنَّ مما يدل على ذلك: أنَّ اليهوديات والوثنيات كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يدخلن على أزواجه لحاجتهن، ولم يحفظ أن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن كن يتحجبن منهن، وأمهات المؤمنين هن أتقى النساء وأفضلهن، ولا أنهن أمرن بالحجاب منهن؛ ومما استدل به - أيضاً -: حديث أسماء رضي الله عنها قالت: استفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: ( إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي ؟ )، قال: (( نعم صلي أمّك )) رواه البخاري؛ وهذا يلزم منه رؤية أمها لها، ولم يأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاحتجاب منها، فدل على أنه لا يلزمها ذلك وأنَّ عورة المسلمة أمام الكافرة كعورتها أمام المسلمة. وهذا الذي رجحه بعض مشايخنا.
ويرى جمهور العلماء أنَّ عورة المرأة المسلمة أمام الكافرة كل بدنها سوى الوجه والكفين؛ واستدلوا بالآية السابقة وأنَّ المراد بنسائهن: النساء المسلمات، أما المشركات والكتابيات؛ كما استدلوا بجملة من الآثار عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم؛ وبأدلة من المعنى منها أن الكافرات لا يجدن رادعاً إيمانياً يمنعهن عن وصف المسلمات للرجال من الكفار والفساق.
وقال ابن كثير - رحمه الله – في تفسيره: " قوله: ( أو نسائهن ) يعني: تظهر بزينتها أيضا للنساء المسلمات دون نساء أهل الذمة لئلا تصفهن لرجالهن. وذلك وإن كان محذورا في جميع النساء إلا أنه في نساء أهل الذمة أشدّ، فإنَّهنّ لا يمنعهنّ من ذلك مانع؛ فأما المسلمة فإنَّها تعلم أنَّ ذلك حرام فتنزجر عنه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تباشر المرأة المرأة تنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها )) أخرجاه في الصحيحين ". وذكر آثاراً عن السلف في ذلك.
وعلى كلٍ فينبغي التنبه إلى أنَّ المرأة المسلمة مطلوب منها الاحتشام والتحلي بالحياء، فلا تكشف أمام النساء إلا ما جرت العادة بكشفه أو دعت الحاجة لكشفه؛ ويتأكد هذا الأمر أمام الكافرات، وفي المجتمعات التي توجد فيها فاسقات، ولا سيما في هذا الزمن الذي انتشرت فيه الوسائل التي يتيسر معها لأهل الشر والفجور تصوير النساء على غِرَّة.
وقد نصّ الفقهاء - رحمهم الله - على أنه يجب على المرأة أن تتحجب عن المرأة والمحرم متى كان يُخاف منه الفتنة. ومن يعرف شيئاً من حقيقة ما يعرف بالإعجاب بين الفتيات والنساء يدرك معنى كلام الفقهاء رحمهم الله.
وأخيراً أود أن أنبِّه إلى أن الصواب أن تقول ما حكم كذا...، والمسلم إنما يسأل عن الحكم الشرعي، وهذا الحكم قد يكون منصوصاً عليه شرعا فتصح نسبته للشرع، وقد يكون اجتهادياً فينسب إلى قائله من أهل العلم فردا كان أو جماعة.. ولا يجزم بأنه هو شرع الله.
والله تعالى أعلم.
أجاب عليه فضيلة الشيخ د. سعد بن مطر العتيبي.
مآآآآآجى