الحمد لله القائل في محكم كتابه: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
والصلاة والسلام على نبيه محمد الذي ورد عنه فيما ثبت من حديثه:" تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة".
وبعد: فإن لمن تزوج وأراد الدخول بأهله آدابا في الإسلام، قد ذهل عنها أو جهلها أكثر الناس، حتى المتعبدين منهم، فأحببت أن أضع في بيانها هذه الرسالة المفيدة بمناسبة زفاف أحد الأحبة،أعانةً له ولغيره من الإخوة المؤمنين على القيام بما شرعه سيد المرسلين عن رب العالمين.
وليعلم أن آداب الزفاف كثيرة، وإنما يعنيني منها -في هذه العجالة- ما ثبت في السنة المحمدية مما لا مجال لإنكارها من حيث إسنادها، أو محاولة التشكيك فيها من جهة مبناها؛ حتى يكون القائم بها على بصيرة من دينه وثقة في أمره.
1- ما ينوي الزوجان بالنكاح؟
ينبغي لهما أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما وإحصانها من الوقوع فيما حرم الله؛ فإنه تكتب مُباضعتهما صدقة لهما، لحديث أبي ذر رضي الله عنه: " أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله: ذهب أهل الدُّثُور(أي الأموال) بالأجور؛ يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة وبكل تكبيرة صدقة وبكل تهليلة صدقة وبكل تحميدة صدقة وأمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة، وفي بُضعِ أحدكم صدقة! قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أريتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ قالوا بلى، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر" رواه مسلم.
2- ملاطفة الزوجة عند البناء - الدخول- بها:
يستحب له إذا دخل على زوجته أن يلاطفها، كأن يقدم إليها شيئا من الشراب ونحوه؛ لحديث أسماء بنت يزيد بن السكن، وفيه: "فجاء (أي رسول الله صلى الله عليه وسلم) فجلس إلى جنبها (أي عائشة) فأتي بعُس لبن (القدح الكبير) فشرب، ثم ناولها النبي صلى الله عليه وسلم فخفضت رأسها واستحيت، قالت أسماء: فانتهرتُها وقلت لها: خذي من يد النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فأخذت فشربت شيئا" أخرجه أحمد.
3-وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها:
وينبغي له أن يضع يده على مقدمة رأسها عند البناء بها أو قبل ذلك، وأن يسمي الله تبارك وتعالى، ويدعو بالبركة ويقول ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:" إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليأخذ بناصيتها (منبت الشعر) ولْيُسمِّ الله عز وجل وليدع بالبركة، وليقل: "اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه" (أي خلقتها عليه). أخرجه البخاري.
4- صـلاة الزوجين معا:
ويستحب لهما أن يصليا ركعتين معا، لأنه منقول عن السلف.
فعن شقيق قال:"جاء رجل يقال له أبو حريز فقال: إني تزوجت جاريةً شابة بكراً، وإني أخاف أن تفركني (أي تُبغضني) فقال عبد الله بن مسعود: "إن الإلف من الله والفِرك (أي البغض) من الشيطان، يريد أن يكرِّه إليكم ما أحل الله لكم، فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين، وقل: اللهم بارك لي في أهلي وبارك لهم فيَّ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير وفرِّق بيننا إذا فرقت إلى خير". أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، وسنده صحيح.
5-ما يقول حين يجامعها:
وينبغي أن يقول حين يأتي أهله: " بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا"
قال صلى الله عليه وسلم:" فإن قضى الله بينهما ولداً لم يضره الشيطان أبـداً". أخرجه البخاري.
وقد سئل الإمام الألباني في سلسلة الهدى والنور/ شريط رقم (12)
السائل:إذا نسي الرجل وهو يجامع زوجته أن يذكر اسم الله فهل جامعها شيطانها؟
الشيخ: "الله أعلم، إذا كان الرجل من عادته أن يذكر الله في جلسته هذه فهو - في ظني- أن الله يحـفظه؛لأن الأمر يُنظر إليه من الزاوية الغالبة على الإنسان، أما إذا كان ليس ذلك من دأبه فيقال بأنه يشاركه". انتهى .
يتبع ان شاء الله