اتفق الفقهاء على أن القيام ركن في الصلاة المفروضة على القادر عليه دون النافلة , وكذا عند الحنفية في العبادة الواجبة , كنذر وسنة صلاة الفجر في الأصح , لقوله تعالى : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين } . أي مطيعين , ومقتضى هذا الأمر الافتراض ÷ لأنه لم يفرض القيام خارج الصلاة , فوجب أن يراد به الافتراض الواقع في الصلاة , إعمالاً للنص في حقيقته حيث أمكن , وأكدت السنة فريضة القيام فيما رواه الجماعة إلا مسلماً , عن عمران بن حصين أنه قال : كانت بي بواسير , فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( صلّ قائماً , فإن لم تستطع فقاعداً , فإن لم تستطع فعلى جنب ) , فإن عجز عن القيام صلى قاعداً للحديث المذكور , ولأن الطاعة بحسب الطاقة , فإن صلى مع الإمام قائماً بعض الصلاة وفتر في بعضها فصلى جالساً صحّت صلاته , ومن صلى قاعداً يركع ويسجد ثم برئ بنى على صلاته قائماً عند الحنفية والحنابلة , وجاز عند المالكية أن يقوم ببعض الصلاة ثم يصلي على قدر طاقته ثم يرجع فيقوم ببعضها الآخر , وكذلك الجلوس إن تقوّس ظهره حتى صار كأنه راكع , رفع رأسه في موضع القيام على قدر طاقته .
كيفية القيام : اتفق الفقهاء على أن القيام المطلوب شرعاً في الصلاة هو الانتصاب معتدلاً , ولا يضر الانحناء القليل الذي لا يجعله أقرب إلى أقل الركوع بحيث لو مدّ يديه لا ينال ركبتيه .
مقدار القيام : ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن القيام المفروض للقادر عليه يكون بقدر تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة فقط , لأن الفرض عندهم ذلك , وأما السورة بعدها فهي سنة .
سقوط القيام : وقد أجمع الفقهاء على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً في الفرض , لمرض أو غيره لحديث عمران بن حصين المتقدم , فإن قدر المريض على بعض القراءة ولو آية قائماً لزمه بقدرها .
ضابط المرض الذي يعتبر عذراً في الصلاة :
إذا تعذّر على المريض كل القيام , أو تعسّر القيام كله , بوجود ألم شديد أو خوف زيادة المرض وبطء الشفاء , والألم الشديد كدوران رأس أو وجع ضرس أو شقيقة أو رمد , ويخرج به ما لو لحق المصلي نوع من المشقة فإنه لا يجوز له ترك القيام .
ومثل الألم الشديد خوف لحوق الضرر من عدو آدمي أو غيره على نفسه أو ماله لو صلى قائماً وكذلك لو غلب على ظنه بتجربة سابقة , أو إخبار طبيب مسلم أنه لو قام زاد سلس بوله أو سال جرحه أو أبطأ برؤه , فإنه يترك القيام ويصلي قاعداً متربعاً ندباً ويثني رجليه في ركوعه وسجوده , أو مفترشاً أو كجلوسه للتشهد أو أي طريقة للجلوس يستطيعها ولا يرفع إلى وجهه شيئاً مثل الكرسي أو وسادة يسجد عليه لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك ¡ روى جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضاً فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها فأخذ عوداً ليصلي عليه فأخذه فرمى به وقال : ( صلّ على الأرض إن استطعت وإلا فأومئ إيماءً واجعل سجودك أخفض من ركوعك ) . [ أخرجه البزار وأبو يعلى , نصب الراية 2/175 ] .
فإن لم يستطع القعود أو شق عليه فيصلي على جنبه والجنب الأيمن أفضل , فإن لم يستطع فيصلي على ظهره ورجلاه إلى القبلة ويرفع رأسه قليلاً حتى يكون مستقبلاً القبلة .
الصلاة على الكرسي : فإن لم يستطع الصلاة قائماً ولا قاعداً على الأرض ولا على جنب أو مستلقياً , ولا يستطيع أن يصلى إلا على كرسي فإنه يجوز له ذلك , ولكن على التفصيل التالي :
إن استطاع أن يبدأ قائماً وجب عليه القيام , فإن استطاع الركوع وجب عليه قائماً ويجلس على الكرسي للسجود , فإن لم يستطع يجلس عند الركوع والسجود ويكون سجوده أخفض من ركوعه .
وإذا عجز عن الوقوف أو القعود على الأرض جلس على كرسي وأومأ بالركوع فإن استطاع السجود سجد ¡ فإن لم يستطع القعود على الأرض عاد وجلس على الكرسي للتشهد .
فإن لم يستطع السجود أومأ , وإذا كان يستطيع القيام ولو بقدر قراءة الفاتحة وجلس بطلت صلاته , وإذا كان يستطيع الجلوس على الأرض وصلى على الكرسي لا تصح صلاته لمخالفته الحديث النبوي وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته على الأرض قاعداً ولم ينقل عنه صلاته في مرضه على كرسي أو سرير أو دكة وكانت هذه كلها موجودة في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإذا صلى في جماعة صلى في الصفوف المتأخرة على يسارها ولا يقطع الصفوف وخاصة الصف الأول , ولا يمنعه الحياء أو الكبر من الصلاة قاعداً على الأرض وهو قادر ويصلي على كرسي إيماءً لأن صلاته تكون باطلة .
ومن قدر أن يقوم في الصلاة منفرداً ولم يمكنه ذلك مع الجماعة إلا قاعداً فيصلي منفرداً , لأن القيام ركن بخلاف الجماعة .
والله تعالى أعلم
هذا رابط الفتوى
http://www.fatawah.com/Fatawah/125.aspx ممآآآآآجى