الحج والعمرة نسكان جليلان ادخر الله تعالى فيهما لأمة محمد صلى الله عليه وسلم خيراً كثيراً وأجراً عظيماً كبيراً.
فهما من الجهاد في سبيل الله ولا يخفى عظم ثوابه عند الله تعالى إذ يقول في وعده الكريم {
الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ ، يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ، خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }.
والسفر إليهما من النفير في دين الله ، والدعوة إليه لما يحصل في ذلك من الفقه في المناسك خصوصاً وكثير من أحكام الدين عموماً.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
(
ومن سلك طريقاً يتلمس فيه علماً سهل الله له به طريقا إلى الجنة)) وقال عليه الصلاة والسلام في الدعوة إلى الدين الله: ((
من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً)).
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه ((
فوا الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)).
ومن فضائل الحج والعمرة محو الذنوب ودفع الفقر وتلك منافع دينية واقتصادية.
قال صلى الله عليه وسلم تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة.
ومن فضائلهما أنهما يكفران الآثام وسبب لدخول الجنـة دار السلام قال صلى الله عليه وسلم
(
العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)).
وقال صلى الله عليه وسلم
(
من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كهيئة يوم ولدته أمه)).
وفضائلهما كثيرة وعوائدهما الكريمة على أمة الإسلام وفيرة.
ونسك هذا شأنه يستحق من المؤمن الشاكر التفكير الجاد والمبكر في إمكانية أدائه في أقرب فرصة مسارعة إلى ذلك الأجر الكبير والخير الوفير ولذا فإن الصحيح وجوب فرض الحج على الفور لمن استطاع إليه سبيلاً – لأدلة ليس هذا موضع بسطها – مع ما في ذلك من المسارعة إلى براءة الذمة ، والخروج من العهده ، قبل مفاجأة الأجل ، ووجود المانع والشغل ، وأما نفل الحج والعمرة فتجارة رابحة ولاسيما مع مواتاة الفرصة والمؤمن كيس فطن ومن خصال المؤمنين المسارعة إلى الخيرات والمبادرة بالأعمال الصالحات كما وصفوا بذلك في محكم الآيات.
ولقد بادر النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الحج وأخذ يهييء قبل أدائه بسنة فإن الصحيح أن فرض الحج كان سنة تسع من الهجرة ولكن لم يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من الحج تلك السنة لأمور واعتبارات معلومة لدى – أهل العلم – بالسنة والسيرة وأمر أبا بكر أن يحج بالناس وأرسل علياً معه يعلن ببراءة وأن لا يحج العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان استعداداً لمقدمه صلى الله عليه وسلم حجة الوداع في السنة العاشرة وهذا من الاهتمام المبكر بالحج والاهتمام بشأنه ومراعاة الأوليات ، وقد قال الله تعالى : {
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}.
الشيخ عبدالله بن صالح القصير
ALZAHRA