نختلف في تفسير معنى (الطيبة) وربما يعدها البعض ضعفا
لكنني لا أسأل عن الضعف والهوان
وكما قال الشاعر
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت ايلام
بل أسأل حقا عن (الطيبة الحقيقية)
هل نفسك من الداخل بيضاء كالحليب...صافية كالماء...نقية كنسائم الصباح اللطيفة؟
هل تنعم بالسلام الداخلي؟
سئل النبي في الحديث أي الناس أفضل؟
قال : " كل مخموم القلب صدوق اللسان "
قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟
قال: " هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد "
وسلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة
نظرات
أنظر لوجهك في المرآة وتحقق من نظراتك...كيف هي؟
هل أخفت بها أحد؟
هل كرهت بها أحد؟
هل زجرت بها أحد؟
هل توعدت بها أحد؟
أم
هل سامحت بها أحد؟
هل بررت بها أحد؟
هل حنوت بها على أحد؟
هل عطفت بها على أحد؟
هل أشحتها ووجهك معها عن صورة حرمها الله؟
امسح وجهك
وتحسس ملامحة...هل كنت دائما طلق الوجه..بشوش...حنون وطيب يفرح بك من يلقاك؟
أم كنت دائما مصدر إزعاج وهم وغم لأنك دائما حزين؟
(نكدي يعني....)
أخرج لسانك
القلوب كالقدور تغلي بما فيها والألسنة مغارفها..ترى ما الذي تغرفه بلسانك
قال الرسول
(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)
رزقنى الله واياكم استقامة اللسان
عملت حاجه....؟
راقب أفعالك
هل تساعد الناس؟
هل تعينهم على الخير؟
هل تعينهم على حل مشكلة تحزنهم؟هل تخفف عنهم؟
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:
{ أحب الناس إلى اللّه أنفعهم، وأحب الأعمال إلى اللّه عز وجل، سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً }
فماذا فعلت؟
إن كنت هكذا فأنت على الطريق.
هل تحب الخير للآخرين
هل تحب لأخيك ما تحبه لنفسك؟
تماما كما تحبه لنفسك
ينجح فلان مثلك...ويعمل في مكان مثلك...ويتقاضى نفس مرتبك
بل دعونا نفكر هل لنا نصيب من الإيثار...وما أصعبه
تنجح فلانة...وتتزوج...وتسعد...وتفرح...حتى وإن لم تتزوجي أنتِ
تفرح فلانه بأبنائها ونجاحاتهم...حتى وإن لم تتذوقي أنتِ هذا في أبنائك
إن كنا هكذا فأنت على الطريق
كيف تترجم تعامل الآخرين معك؟
وكيف تختلف معهم؟
ما هو رد فعلك إن لم تتفق مع من أمامك في وجهة نظر معينه؟
غضب
ثورة
صراخ
سب
معركة
هل تشمر وتكشر عن أنيابك
هل أنت من الأوائل الذين يتبرعون بالهجوم حتى وإن لم تكن معنيا بالأمر عندما تراقب(خناقه)
ظن
وآه من الظن..فهو للأسف يأخذك في متاهات وتبني على ظنونك آراء وردود فعل وربما من أمامك لم يقصد أصلا أن يسيء إليك لكنك سبقت بالظن فعشت في ردود أفعالك أنت داخليا ثم خرجت منك رغم أنفك لأنك لم تتوقف للحظات وتنظر لمن أمامك
بل هل تراعي مشاعر الآخرين وتحاول أحيانا أن تحتويهم وتستوعبهم ثم تتخير وقتا مناسبا للوم والعتاب لأنك تحبهم
إنها أمك
أنت أول فرحتها
بل كل فرحتها
أنت قطعة منها ...تفرح قبل أن تشعر أنت بالفرحة
وتحزن لحزنك قبل أن يمس الحزن قلبك
لا تقصد أبدا أن تهينك أو تجرحك...لكنها غضبت لكسلك ربما في الدراسة
أو عدم اهتمامك بتوجيه وجهته لك فصرخت أو حزنت
أو حتى لم تبتسم
لماذا لم تكن طيبا معها؟
إنه والدك
مثلك الأعلى
المظلة التي تظللك
الحضن الذي يحتويك
الدفء الذي يبعث في نفسك الطمأنينة....
لماذا لا تقدر أنه يأمل منك الكثير ويحقق نجاحه فيك
لماذا لم تصبر عليه
لماذا أغضبته وانصرفت عنه
لماذا لم تقبل يده
لماذا لم تظهر له الاحترام بينه وبينك وأمام الجميع
لماذا لم تعطيه الفرصة ليشعر لأيام أو لشهور بأنه(الأب)
لماذا لم تكن طيبا معه؟
إنها زوجتك
حبيبتك...معشوقتك
لا تقصد أبدا أن تشيء إليك أو أن تشعرك أنها لا تبالي برأيك
لكنك نسيت أنك كنت تضيق عليها وأنت تطالبها بالالتزام بطلب منك
وبدلا من صياغته بود ليكون رجاء فتلتزم به لحسن صياغتك له...
للأسف
صغته أنت في صورة أمر صارم وكأنها سجينه
فثارت أو غضبت
لماذا لم تكن طيبا معها؟
وأنتِ....
إنه زوجك
فارس أحلامك الذي توجك كملكة وأميرة على قلبه
مرهق...متعب...وعمله شاق
وأعلم أنكِ تنتظرينه بعد عودته لأن عودته بداية يومك...ولكن لا تنسي أن عودته هي نهاية يومه الشاق الطويل
يغيب طوال النهار...يدور بحثا وحرصا على لقمة العيش
يعف نفسه بك...ويحفظك في غيبتك
تعلمين أنه مشغول بأكثر من مهمة...فلماذا تغضبين لأنه لم يجامل شقيقك و أمك وأختك
أعلم أنك تكرمين أهله
وأعلم أيضا أنكِ لو طلبتيها بشيء من الحكمة واللطف سيتذكر ولن ينسى لأنكِ كنتِ ببساطة
في منتهى الطيبة
عبادة
تعبّد لله بطيبتك...تعبد لله بحسن خلقك...تعبد لله بكونك صاحب قلب أبيض
قال :
{ إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم }
القلب الأبيض ...هل نولد به أم هو صفة نكتسبها ؟
في الحقيقة أننا عندما نشب على الرضا والقناعة لن ننظر لأحد فضله الله عنا بشيء لأننا ببساطة لا نشعر بالنقص
وعندما تمتليء أنفسنا بالإطمئنان والسكن والراحة النفسية سنبتسم كثيرا ونبشر كثيرا...ونسعد كثيرا ..ونتسامح كثيرا
ستخلوا قلوبنا من الحقد والغلّ والكره
وعندما نحب الآخرين سنلتمس لهم الأعذار فلن نغضب عليهم وسنكون أهدأ عندما نصطدم بهم
وعندما نتأنى ونتمهل قليلا ونتنفس الحب قبل أن نتكلم لن ننطق إلا بالحسنى
أرأيتم حسن الخلق طريق للنفس المطمئنة
حسن الخلق وطيب الكلام هو مفتاح القلب الأبيض
قال عليه الصلاة والسلام:
{ أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق }
القلب الأبيض
لا يباع ولا يشترى ولا يمنح ولا يسلب
القلب الأبيض شيء مكتسب
نبته تزرع بأيدينا في صدورنا وتسقى بالإيمان وتترعرع بلمسة روحانية
ويكفي أنك ستكون قريبا من حبيبك الرسول
صلى اللّه عليه وسلم:
{ إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً }
إن القلب الأبيض ينبض حتما في صدر كل نفس مطمئنة
اللهم إنا نسألك نفوسا مطمئنة
هادئة
صافية
محبة ومحبوبة
وأخلاق حميدة
وقلب أبيض