الحمد لله الذي يحبُ أهل الإيمان ، ووعدهم على ذلك بالجنان ، الحمد لله الذي بذكره تطمئن
قلوب المؤمنين وبحبه امتلأت أرواح المتقين .. والصلاة والسلام على إمام العابدين وقدوة
المتقين ، نبينا محمد ، الذي دعانا للإيمان وحثنا على التمسك به حتى الممات .
أمـا بعد : معاشر المؤمنين :
إن هناك كنزٌ عظيم ، غفل عن الحصول عليه كثير من الناس ، وفرط في التمسك بهِ كثير من
الغافلين ، إنه كنز الإيــمان ذلك الأمر العجيب الذي به يتفاضل الناس عند رب العالمين ، وبه
تفاوتت مراتب المؤمنين إنه الإيمان .. الذي غاب مفهومه في حياة الكثيرين ، وانطفئ نوره
من قلوب بعض المؤمنين .
إن هناك مصائب كثيرة ، على مستوى الفرد والجماعة والدولة ، ولكن أعظم مصيبة هي
( ضعف الإيمان ) . وهي سبب لكثير من المصائب .
فيا ترى ، ما هي علامات ضعف الإيمان ؟ وما هي الدلائل والمظاهر والعلامات التي تدل على
ضعف الإيمان لدى صاحبه ؟
أخي المؤمن : إنه لا بد من معرفة علامات ضعف الإيمان لكي نستيقظ من غفلتنا ورقدتنا ..
لابد أن نراجع إيماننا ، ونحاسب أنفسنا
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } .
إن من علامات ضعف الإيمان :
1ـ التقصير في أداء الصلوات في المساجد وفي أوقاتها ، وهذا الأمر ملاحظ ولا ينكره أحد ،
والحقيقة أن بعض الناس قد لا يصلي أصلاً ، وبعضهم لا يصلي إلا الجمعة .
فأين الإيمان يا أهل الإيمان ؟!
2ـ الجرأة في ارتكاب الذنوب ، فهذا يرفع صوت الغناء ، وهذا يترك الصلاة في الجماعة ، وهذا
قد وضع في سيارته محرك لوضع سيدي مع شاشة لرؤية الأفلام المحرمة في السيارة .. فأين
الإيمان ؟!
وتلك المرأة تخرج متبرجة ، قد نزعت الحياء ، على أعتاب منزلها ، وإذا بها تتجرأ في إبراز
مفاتنها أمام الرجال .. فأين الإيمان ؟!
3 - ومنها : آفات اللسان ، فكم من لسان كان سبباً في ضعف الإيمان ، بل وطريقاً إلى النيران .
وفي الحديث "أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان الفم والفرج " .
يا أهل الإيمان حذار من خطورة اللسان فكم جرَّ من بلاء ، وكم أزال من نعماء ، وكم أوقع في
معصية ، وكم حَـرمَ من طاعة . قال ابن مسعود : والله ما شيء أحق بطول سجنٍ من اللسان .
وقال أحدهم : من كثر كلامه كثرت ذنوبه .. فالله الله يا أمة الإسلام في حفظ اللسان لكي يبقى
الإيمان ، ونرضي الرحمن ، ونفوز بالجنان ..
4 - ومنها : صحبة الأشرار والفجار ، فوالله إن صحبتهم من أكبر المصائب وهي بداية لكل معصية
ولو سألت صاحب الإدمان كيف بدأت ؟ لقال لك : صحبة الأشرار .
ولو سألت ذلك الشاب الذي بدأ يعاكس الفتيات كيف بدأت ؟ لقال لك : صحبة الأشرار .
يا أهل الإيمان : إذا أردنا المحافظة على كنز الإيمان ، فلنحذر أصدقاء السوء فإنهم أعوان
الشيطان ، وفي الحديث " المرء على دين خليله .. "
5 - ومنها : الانشغال بالدنيا وملذاتها عن الاستعداد للآخرة .. إن هذا الدين جاء بكل ما يصلح
الحياة في أمور الدين والدنيا ، ولكن هذا الدين مبنيٌ على القواعد والضوابط فجعل الله العمل
للدنيا مشروط وأثنى الله على عباده ، وهم أهل الإيمان الصادق بقوله :
{ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاة } .
والذي ينظر في حال السلف من الصحابة ومن بعدهم يجد أنهم كانوا يعملون للدنيا في حدود
مقيدة ومشروطة بأن لا تضر بالدين والإيمان .. نعم .. إنه الإيمان !
إنني أعرفُ بعض الذين دخلوا في أمور التجارة ولكنهم لم يعرفوا خطورة فتنة المال والدنيا ،
وإذا بهم بدأو في الكذب والغش والمعاملات الربوية .. وبدأ الإيمان في الضعف والفتور والله
المستعان { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ } .
6 - ومنها : التعرض للفتن والشهوات .. إن من المؤسف يا أهل الإيمان أن نرى ونسمع عن
كثير من الشباب ، بل والعوائل ، قد سافروا إلى الخارج بحجة السياحة .
يا ترى ماذا سيشاهدون ، وماذا يسمعون ، وماذا سيفعلون ؟ هناك يشتكي الإيمان من تلك
الفتن والشهوات والمغريات هناك يكون ضعف الإيمان ، ويكثر أعوان الشيطان ، هناك الصور
المثيرة والمناظر المميتة ..
عجباً لأولئك ! ألم يعلمون أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالشهوات والمعاصي .. بكل صراحة :
كم من أناس ذهبوا بإيمانهم ولكنهم رجعوا وقد أصابهم الفتور والضعف ، وكم من شاب ذهب
ولكنه رجع وقد ملأ قلبه من الشهوات ، فكم من فتاة نظر إليها ، بل وقد يكون قد مارس معها
بعض الآثام ..
وكم من صلاة أخَّرها عن وقتها ، فكيف إذا ضيعها .. وكم من فتاةٍ ذهبت بإيمانها وعفافها
وحجابها ... ولكنها رجعت وقد فارقت الحجاب وطلَّقت الحياء ولبست ثياب التبرج والسفور ..
7ـ ومنها : التساهل في النظر إلى القنوات .. ووالله إن هذا السبب من أعظم أسباب ضعف الإيمان
لمن عرف واقع الناس .. ماذا تبث القنوات ؟ صور عارية ، وملابس فاضحة ، رقص وغناء
وتعري ، أفلام ماجنة ، إلى غير تلك المدمِّرات للإيمان .
يا صاحب الإيمان : أتظن أنك ستحصّل خيراً عندما تنظر إلى تلك القنوات يا ترى
هل سيخشع قلبك ؟ وهل ستدمع عينك ؟ وهل ستحافظ على الصلاة ..؟
يا أهل الإيمان : كم من قناةٍ دمّرت حصون الإيمان ، وكم من مشهد في فلم كان سبباً لدخول
النيران ، وكم من برنامج كان هو بداية الهلاك والانحلال من الدين .
إنها القنوات صانعة الشهوات بسببها انتشرت الفواحش ، وخرجت النساء بتلك العباءات ..
لأجل القنوات فقد كثير من الشباب العفة ، وتلطخ بالزنا واللواط .. بسببها ذهبت أعراض وزالت
معالم الحجاب عند بعض الفتيات ..
« فهذا نداء إلى كل أب » أخرج تلك القنوات التي دمَّرت إيمانك ودمرت أبنائك ، وبناتك ..
وتذكر أنك ميت ، وأن القبر مسكنك .. وبين يدي الله موقفك .. وأعمالك سوف تفضحك ..
أخرج القنوات قبل أن تخرج روحك إلى فاطر الأرض والسماوات .. فيا ترى ماذا سيكون
حالك ؟ { وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ } ، { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ }
{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ } .