زهرة الإسلام
عدد الرسائل : 4
| موضوع: نبي الرحمة الأحد 23 مايو - 1:38:47 | |
| الحب هو تلك العاطفة الرقيقة التي لا يستطيع الإنسان العيش بدونها ، الحب هو عطاء بلا حدود دون انتظار للمقابل ، الحب هو التسامح والعفو ، الحب هو القرب والحنين لمن تحب ، الحب هو ذكر دائم للمحبوب دون أن يشغلك عنه شاغل ، الحب هو أساس الحياة الدنيا والآخرة وبدونه لا نستطيع العيش ، الحب هو عطاء مستمر للمحبوب . قد يسأل سأل هل يوجد من يحب بهذه الطريقة ؟ نعم يوجد حبيب غالي يحب بأكثر من هذه الطريقة . ألم تعرفه ؟ إنه الحبيب الذي لا يمكن الاستغناء عنه أبدا ، إنه الحبيب الذي من وجده فقد وجد كل شيء ومن فقده فقد فقد كل شيء ، إنه الحبيب الذي يستطيع أن يهبك السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة ، إنه الحبيب الذي دائما يتودد إليك وأنت في غفلة عنه ، إنه الحبيب الذي يسعد بقربك ، ويكره بعدك ، ويحبك أن تسأله ويكره أن تسأل غيره ، هل عرفته الآن ؟ إنه الحبيب الذي يستحق الحب والذكر والشكر ، إنه الله عز وجل . قد يسألني سأل أخر كيف عرفتي أن الله يحبك ؟ ! إنني عرفت من خلال رسائله الكثيرة التي يرسل بها لنا كل لحظة يقول فيها أنه يحبنا إنها رسائل عديدة ومتنوعة . رسائل ود وقرب ومحبة وكما يقول أحد السلف الصالح : (ليس العجب من مملوك يتذلل للملك ولا يمل خدمته مع حاجته وفقره؛ فذلك هو الأصل إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوكه بصنوف إنعامه، ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه )وقد جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم : (يقول الله تعالي : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ، ذكرته في نفسي . وإن ذكرني في ملأ ، ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلى بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي ، أتيته هرولة ) رواه البخاري ومسلم . أرأيت كيف أن الله عز وجل يحبك ويتودد إليك ، هل تريد دليل آخر على حبه لك . إنني سأكتب لك بعض الرسائل التي يرسلها الله لك في كل لحظة ولكني أريد قبل ذلك أن أعقد معك صفقة وهي أن تقرأ هذه الرسائل وتفكر فيها و وينتهي تفكيرك هذا بأن تبادله نفس الحب ، فهناك من الناس من تفوقوا في ذلك . ألا تريد أن تنعم بالسعادة في الدنيا والآخرة ؟ بالطبع بلى . لذلك أحبه حتى تهنأ بالحياتين واقرأ معي أبيات من الشعر قالتها رابعة العدوية بعد حبها وقربها من الله عز وجل : قالت : فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
الرسالة الأولى : الخلق والإسلام
من دلائل محبة الله عز وجل لك أن خلقك من العدم ، وأن خلقك إنسان وكرمك على كل باقي المخلوقات فقد قال تعالى : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } [سورة الإسراء الآية 70] واصطفاك لأن تكون خليفة له على الأرض تتصرف بمنهاجه وتحكم بحكمه ، ثم بعد ذلك هداك للإسلام حتى تعيش سعيدا في حياتك الدنيا وفق منهج الله تعالى كما قال تعالى { وإذ قال ربك للملائكة : إني جاعل في الأرض خليفة } [سورة البقرة الآية 30] جاء في تفسير هذه الآية في ظلال القرآن (إذن فهي المشيئة العليا تريد أن تسلم لهذا الكائن الجديد في الوجود ، زمام هذه الأرض ، وتطلق فيها يده ، وتكل إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين ، والتحليل والتركيب ، والتحوير والتبديل؛ وكشف ما في هذه الأرض من قوى وطاقات ، وكنوز وخامات ، وتسخير هذا كله - بإذن الله - في المهمة الضخمة التي وكلها الله إليه..) ، هل رأيت المكانة العظيمة التي أعطاها الله عز وجل لك ؟ إنه الحب .
الرسالة الثانية :القرآن :
الرسالة الثانية التي أرسلها الله لك هي القرآن الكريم ، الكتاب العظيم الذي تكفل سبحانه وتعالى بحفظه ، إنه الكتاب الذي يحوي الكثير من رسائل الله لك والتي يريدك أن تقرأها وتتفكر فيها وتعمل بها . لأنه فيه الهدى والنور والشفاء من كل داء كما قال تعالى : { ذلك الكتاب لا ريب فيه ، هدى للمتقين }[سورة البقرة الآية 2] وقال أيضا : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } [سورة يونس الآية 75]. وأرسل لك القرآن الكريم ليكون لك شريعة ومنهاجا ونورا تمشي به في الناس وتحكم بحكمه وتطبق ما جاء فيه، كما أنه أفضل ما تذكر به الله عز وجل لأنه كلامه الذي أرسله إليك لتتلوه وتتدبر آياته ، جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال يقول الله سبحانه وتعالى: ( من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله سبحانه وتعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه) رواه الترمذي. قال كعب الأحبار: "عليكم بالقرآن, فإنه فهم للعقل, ونور الحكمة, وأحدث الكتب عهداً بالرحمن, ولعظيم ما فيه من البركات كانت تلاوته واستماعه من أعظم القربات, والاشتغال بتعلمه وتعليمه من أسمى الطاعات, وكان لأهله أعلى الدرجات وأوفى الكرامات"وإذا أردت أن تتأكد من ذلك فعليك بقراءة القرآن الكريم وتتدبر آياته لتتحقق من حبه لك . الرسالة الثالثة النبي صلى الله عليه وسلم
الدليل الثالث على محبة الله عز وجل لك هو أن أرسل لك النبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) ليهديك إلى طريق الله المستقيم وليأخذ بيدك من الظلمات إلى النور في الدنيا ، وليكون سببا في دخولك الجنة يوم القيام ، لقد أرسل الله عز وجل النبي (صلى الله عليه وسلم ) لكي نتبع سنته ونسير على نهجه فقد جاء في القرآن الكريم ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً . وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً ) [سورة الفتح الآيات 45 ، 46 ، 47]. هذا إلى جانب أنه زرع محبتك في قلب نبيك (صلى الله عليه وسلم ) فقد تحمل الكثير والكثير من الأذى والتعب والمشقة ليوصل لك رسالة الله عز وجل ودعوته كما أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يتمنى رؤيتك في الدنيا ويشتاق إليك كما جاء في صحيح مسلم .عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ ( السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا. قَالُوا أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْتُمْ أصحابي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ . فَقَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظهري خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ . قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ....)
الرسالة الرابعة : الأعياد
إن العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى من أكبر الدلائل على محبة الله لك لأنه جعل لك عيد تفرح وتمرح فيه أنت وأهلك والناس أجمعين ومن حكمه وكرمه أن جعل كل عيد منهما يأتي بعد طاعة عظيمة تقوم بها ويكون العيد جزاء لك على أداء هذه الطاعة ، فعيد الفطر يأتي بعد صيام شهر رمضان المبارك وقيامه وأداء الطاعات فيه من صيام وقيام وذكر وقراءة قرآن واعتكاف في العشر الأواخر وترقب لليلة القدر ويكون العيد الجائزة الكبرى التي تنال فيها جزاءك على كل الطاعات التي قمت بها ،إن العيد يضفي على القلوب الأنس، وعلى النفوس البهجة، وهو يجدد أواصر المحبة بين الأخلاء، ويوجد التراحم والتعاون بين الأغنياء والفقراء؛ فهو يجمع كل القلوب على الألفة، ويخلص النفوس من الضغائن فتشمل الفرحة كل بيت وتعم كل أسرة، وفيه تتحقق الوحدة الإسلامية الكبرى؛ فيشترك كل المسلمين في الفرحة والغبطة بحلول العيد عليهم. جاء في الحديث الشريف (إذا كان ليلةُ القدرِ ونزل جبريلُ في كَبْكَبَة من الملائكةِ يصلون على كلِّ عبدٍ قائمٍ أو قاعدٍ يذكرُ اللهَ فإذا كان يومُ عيدِهم باهى بهم ملائكتَه فقال يا ملائكتي ما جزاءُ أجيرٍ وفَّى عملَه قالوا ربنا جزاؤُه أن يُوَفَّى أجرَه قال يا ملائكتي عبيدي وإمائي قضوا فريضتي عليهم ثم خرجوا يعُجُّون إلىَّ بالدعاءِ وعزتي وجلالي وكرمي وعلوي وارتفاع مكاني لأُجِيبنَّهم فيقولُ ارجعوا فقد غُفِرَ لكم وبُدِّلَتْ سيئاتُكم حسناتٍ فيرجعون مغفورا لهم ) رواه البيهقي في سننه . كما أنه جعل عيد الأضحى المبارك بعد أداء مناسك الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام . أليس هذا هو الحب ؟
الرسالة الخامسة : باب التوبة مفتوح :
إن من أكبر الدلائل على محبة الله لك هو أنه إذا أتيت بمعصية تغضبه سبحانه وتعالى أعطاك المهلة والفرصة لكي تتوب منها وأنك مهما أتيت من معاصي وذنوب فإنه يقبلك ويغفر لك مادمت لا تشرك به شيئا ومادمت تتوب إليه ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأنهار .........) [سورة التحريم الآية 8] . وجاء في الحديث القدسي عن انس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (قال الله تعالي : يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني ، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم : لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرنني ، غفرت لك يا ابن آدم : إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة ) رواه الترمذي وكذلك أحمد وسنده حسن . ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) أخطأ من شدة الفرح يقول ابن القيم إن أحد العارفين قال : ( أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي , وأمه خلفه تطرده حتى خرج , فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا، فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه , ولا من يؤويه غير والدته , فرجع مكسور القلب حزينا . فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام ، وخرجت أمه , فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه , والتزمته تقبله وتبكي وتقول : يا ولدي , أين تذهب عني ؟ ومن يؤويك سواي ؟ ألم أقل لك لا تخالفني , ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك . وإرادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت)، وإن الله عز وجل ارحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ،الطريق يسير لمن يسره الله له ولابد لنا من التوبة إلى الله عز وجل ولكي تتحقق التوبة وتنال غفران الله لك فلابد من تحقيق شروط التوبة وهي : الإقلاع عن الذنب ، الندم على ما فات ، العزم على عدم العودة ، واعلم أن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، وأن باب التوبة مفتوح حتى تشرق الشمس من مغربها . أليس هذا هو الحب الحقيقي ؟
هل تأكدت الآن من محبة الله لك , لقد أنعم عليك بالكثير من النعم التي لا تعد ولا تحصى...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته | |
|
ابو عبد الرحمن مهدى
عدد الرسائل : 1068
| |