موضوع: رمضان بين الطاعات والآفات(الخطبة الثانية) الأربعاء 16 يوليو - 18:25:32
الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين ... ولا عدوان إلا على الظالمين . أشهد ألا إله إلا الله .. ولي الصالحين ... واشهد أن محمداً عبد الله ونبيه ورسوله ... إمام المتقين .. وخاتم الرسل أجمعين ... صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين .. وأصحابه أجمعين . أما بعد : أيها الإخوة المؤمنون .. أيتها الأخوات المؤمنات : أعود لأبث على حضراتكم .. طاعات في رمضان تقابلها آفات ... الطاعة الخامسة : الإقبال على المساجد وإعمارها بالصلوات .. وتلاوة القرآن .. والاعتكافات .. والذكر .. (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر .. وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله .. فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) وليس المقصود بإعمار المساجد .. بناءها فقط .. وإنما إعمارها بملئها أثناء الصلوات .. ودوام ارتيادها ... واحترامها .. والسكينة والخشوع فيها ... فالمساجد بيوت الله ... وبيوت الله أحق البيوت بالاحترام . بيوت الله أحق البيوت بالاعمار .. وبيوت الله أحق البيوت بالنظافة .. ولكن ما يؤسف له أن تقابل هذه الطاعة أفة : هي انقطاع الناس عن المساجد بعد رمضان ... وعودتهم إلى ما كانوا عليه قبل رمضان من هجر المساجد والقرآن . بل إن بعضاً ممن يرتادون المساجد في رمضان ... تجدهم وكأنهم سجناء في بيوت الله ... يتحرقون شوقاً للخلاص من هذا السجن .... فيا فرحتهم حين انقضاء الصلاة .. يتزاحمون على الأبواب أيهم يخرج أولاً .. ويا ويح المؤذن إن تأخر عن إقامة الصلاة ... و يا ويل الإمام من ألسنتهم إن أطال قليلاً في الصلاة . وبلغ ببعضهم التهاون في بيوت الله مدى بعيداً ... ترى البعض منهم يحضر مائدة عريضة على الفطور ... ويفترش المسجد أو صوح المسجد ... ويأكل حتى تنتفخ بطنه .. من الثوم والبصل .. والمرق .. فاذا انتظم في الصف للصلاة لا يتورع من أن يتجشأ بملئ فيه ... فإذا تجشأ كانت الكارثة الكبرى على من بجواره ... وهربت ملائكة الرحمن متأذية من ريح هذا الرجل ... ثم يغادر المسجد بعد انقضاء صلاة المغرب لينتقل إلى مائدة أخرى أكثر عمراناً من سابقتها ... تاركاً فضلات طعامة في المسجد دون تنظيف ... فيا أيها المسلم : مهلاً ... كان من هدي الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) الفطور على تمرات .. فإن لم يجد فشربة ماء .. فالزم هديه تفلح وتنجح ..
الطاعة السادسة : تصيد أوقات الإجابة في رمضان ... وأقصد بالإجابة .. إجابة الدعاء ... فمن أفضل الأوقات للدعاء : 1) ليلة القدر. 2) جوف الليل الآخر ووقت السحر. 3) دبر الصلوات المكتوبات ( الفرائض الخمس ). 4) بين الأذان والإقامة . 5) ساعة من كل ليله . 6) عند النداء للصلوات المكتوبات . 7) عند نزول الغيث . ساعة من يوم الجمعة وهي على الأرجح آخر ساعة من ساعات العصر قبل الغروب . 9) السجود في الصلاة . 10) دعاء الصائم حتي يفطر. 11) دعاء الصائم عند فطره . ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب .. أجيب دعوة الداع إذا دعان .. فليستجيبوا لي وليؤمونا بي لعلهم يرشدون ) ولكن يقابل هذه الطاعة أفة : هي ضياع هذه الأوقات في القيل والقال ... والضحك والمزاح .. قبل الإفطار خاصة ... تجد البعض من الناس .. إما يضحكون ... وإما في الغيبة والنميمة يخوضون ... وإما على المؤائد ينبطحون ... يقلبون في الأطعمة .. فيقدمون هذا الصنف .. وذاك يؤخرون ... وهم عن الدعاء غافلون ...
الطاعة السابعة : كثرة قراءة القران شهر رمضان هو شهر القرآن.. فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته .. وقد كان حال السلف العناية بكتاب الله ... فكان جبريل عليه السلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان . وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل يوم مرة . وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال . وبعضهم في كل سبع ليال . وبعضهم في كل عشر ليال . كانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها . فكان للشافعي في رمضان ستون ختمه ، يقرؤها في غير الصلاة . وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان . وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف . وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن. ولم يكن هدي السلف قراءة القرآن دون تدبر وفهم ، وإنما كانوا يتأثرون بكلام الله عز وجل ويحركون به القلوب . فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرأ علي . فقلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال إني أحب أن أسمعه من غيري قال : فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) قال : حسبك ، فالتفت فإذا عيناه تذرفان ) . وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت ( أفمن هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون ) بكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسهم بكى معهم فبكينا ببكائه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يلج النار من بكى من خشية الله). والآفة التي تقابل هذه الطاعة : هي تلاوة القرآن دون تدبر أو تفكر ... ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) تجد البعض من الناس يقرأ القران ... فيمر على الأيات مر السحاب ... بلا تدبر .. وبلا تمعن ... وبلا تفكر ... كانما يقرأ قصة بوليسية ... أو مقالاً في جريدة .. ربما يختم الواحد من هؤلاء المصحف عشرين ختمة في رمضان ... بل ربما ختمه ثلاثين مرة ... ولكن لم يفهم منه آية واحدة ... فمثله كمثل الحمار يحمل أسفارا ... أيها المؤمنون الأعزاء : أيتها المؤمنات الفاضلات : رمضان طاعات ... أضاعتها آفات ... فلنحذر من هذه الآفات أشد الحذر ... ولنجعل من رمضان هذا العام شيئأً آخر .. فلعله يكون آخر رمضان في العمر إن بلغناه بفضل الله .. أيها المؤمنون : إرفعوا أكف الضراعة إلى الله وأمنوا على دعائي ...... الدعاء الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) اسم الخطيب : رياض يحيى الغيلي إمام وخطيب مسجد الأوقاف صنعاء – اليمن صيد الفوائد
ابو عبد الرحمن مهدى
عدد الرسائل : 1068
موضوع: رد: رمضان بين الطاعات والآفات(الخطبة الثانية) الخميس 13 أغسطس - 10:21:46