الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى ءاله وصحبه ومن والاه وبعد فقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿إنَّ الذينَ ءامنوا وعملوا الصالحاتِ كانت لهم جناتُ الفردوسِ نُزُلاً خالدينَ فيها لا يَبْغُونَ عنها حِوَلا﴾. بعد أن تكَلَّمنا عن شىءٍ من سيرةِ الخلفاءِ الثلاثةِ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ رضوانُ اللهِ عليهم، حديثُنا اليومَ إخوةَ الإيمانِ عنِ الخليفةِ الذي تربَّى في حجرِ النبيِّ محمدٍ وفي بيتِه، صهرِ رسولِ اللهِ وابنِ عمِّه وأبي السبطينِ الحسنِ والحسينِ سيدَي شبابِ أهلِ الجنةِ، هو علمٌ من أعلامِ الدين، قدوةٌ للزاهدينَ ومن أشهرِ الخطباءِ المفوَّهِينَ والعلماءِ العاملينَ أبو الحسنِ عليُّ بنُ أبي طالبِ بن عبد المطلب بنِ هاشمِ بنِ عبدِ منافٍ، أمُّه فاطمةُ بنتُ أسدِ بنِ هاشمٍ، وُلدَ قبلَ البعثةِ بعشرِ سنينَ، أسلمَ وهو صغيرُ السِّن، كانَ يلقَّب حَيدرَة وكنَّاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبَا تراب. ولمّا هاجرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من مكةَ إلى المدينةِ أمرَ عليًّا أن يبِيتَ على فراشِه وأجَّلَهُ ثلاثةَ أيامٍ ليؤديَ الأماناتِ التي كانت عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابِها ثم يلحق بهِ إلى المدينةِ فهاجرَ من مكةَ إلى المدينةِ المنورةِ ماشِيًا. كان رضيَ اللهُ عنه وكرّمَ وجهَه ءادمَ اللون، أدعجَ العينينِ عظيمَها، حسنَ الوجهِ، ربعةً أميلَ إلى القصرِ، عريضَ اللحيةِ، ضخمَ عضلةِ الذراعِ، أصلعَ الرأسِ، ضحوكَ السِّنّ، من أشجعِ الصحابةِ وأزهدِهم في الدنيا، وكان أعلمَهم في القضاءِ، لم يسجُدْ لصنمٍ قطّ رضي الله عنه، شديدَ الساعدِ واليدِ ثبتَ الجَنَانِ أي القلب ما صارعَ أحدًا إلا صرَعه. كان رضي الله عنه وأرضاهُ غزيرَ العلمِ، زاهدًا ورعًا، فهذا ضرار الصدائي يُروَى عنه أنهُ قالَ في وصفِ سيدِنا عليٍ: "وأشهدُ لقد رأيتُه في بعضِ مواقفِه وقد أرخى الليلُ سدولَه وغارَت نجومُه قابِضًا على لحيتِه يتملمَلُ تملمُلَ السقيمَ ويبكي بُكاءَ الحزينِ ويقولُ يا دنيا غُرِّي غيري إلي تعرضتِ أم إلي تشوفتِ؟ هيهات قد طلقتُكِ ثلاثًا لا رجعةَ فيها فعمرُك قصيرٌ وعيشك حقير ءاه ءاه من قلةِ الزادِ وبعدِ السفرِ ووَحشةِ الطريقِ". سيدُنا عليٌّ أيها الأحبة مدحَه رسولُ الله محمد صلى الله عليه وسلم مدحًا عظيمًا من ذلك قولُه عليهِ السلام: "من سبَّ عليًّا فقد سبَّني &...