شكى كثير من الناس رنين متزايد لهاتف كثير من الفتيات في أوقا ت متفاوتة فطلبوا مني أن أدخل وسيطاً بينهم وبين هذه النوعيات من الفتيات بالنصيحة فجاءت هذه الرسالة .
أيتها الفتاة : أما سألت نفسك حفظك الله ورعاك عندما تهاتفين مخلوقاً أياً كان ما الهدف من هذا الهتاف ؟ ذلك لأن الإنسانة مثلك مسؤولة مسؤولية كاملة عن أي تصرّف تتصرّفه والعبث بالهاتف نوع من الغفلة عن آثار هذه المسؤولية العظيمة .
أيتها الفتاة : تقاس الفتاة دائماً بحيائها وأنوثتها وهي والله سر جمالك ، فكلما كانت الفتاة شديدة الحياء ، عظيمة الخجل ، سرت أخبارها الطيّبة في الناس وفاح ذكرها الجميل في كل لقاء ، وما ذلك إلا لأن هذه الصفات هي صفات الجمال الحقيقي للفتاة ، وصدقيني أيتها الأخت أن العبث بالهاتف إنما يجرح هذا الجمال ويشوه هذه الصفات ، ويطعن في أنوثتك بما يخدش قيمتها ومعناها ، ولئن سرت أحاديث مدح في المرّات الأول فستسري بعد هذا العبث أحاديث خدش لقيمتك كإنسانة في هذا الوجود .
أيتها الفتاة : تصوري حفظك الله وصان عرضك أنك مارستي اللعب بالهاتف لقضاء فراغ أو شغل وقت وجرّك هذا العبث إلى التعرف على شاب يهوى هذه الهواية ونشأت علاقة مشبوهة جرّتك أنت صاحبة الخمار والحياء والعفّة إلى الزنا والعياذ بالله ، وحينما تقعين في هذا الباب إنما تسقطين سقوطاً لا قيام بعده البتة ، وقد قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : والزنى يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وقلة الغيرة ......... ومنها سواد الوجه ، وظلمته ، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين . بل إلى أكثر من هذا حينما تُخطب زميلاتك ، ويتزوجن ، وتصبح بيوتهن مليئة بالسعادة والفرح والحبور ، بينما أنت لا أحد يتقدم لخطبتك ، ولا شاب يشرُف بالزواج منك ، لأن من دنست نفسها بالخيانة اليوم ، ليس بعيداً أن تدنّس فراش زوجها بالخيانة بعد ذلك .
أيتها الفتاة : قد تقولين أمارس هذا العبث ولا يمكن أن يعرف بي الشباب الآخرون ، وإنما أنا أمارسه مع شاب أريد أن يكون شريك حياتي في المستقبل ، وأقول لك أنت بفعلك هذا إنما تلعبين بالنار ، وإن كان اللعب بالنار يحرق بيوت ، ويشرّد أسر ، ويشتت أفراد ، فإنما عبثك بالجوال يحرق عفتك ، ويلوّث سمعتك ، ويخدش عرضك ، ولئن تعرف عليك شاب واحد فالأيام كفيلة أن ترين رقم هاتفك مع شباب آخرين يمارسون معك ما مارس خليلك الأول .
أيتها الفتاة : هبي أنك مارستي اللعب بهذا الهاتف لكن ما النتيجة ؟ إن النتيجة لن تتجاوز خدش في علو والدك ، واتهام لشرف أمك ، وسوء نظرة إلى الأسرة في أي موقع كانت ، ومثل هذه الجوانب إنما هي عار يبقى ملازماً لك ما حييتي .
أيتها الفاضلة : هبي أنك لم تأهبي لكل ما قلت لك وما ذكرت من آثار وعار ، يبقى ربك جل وعلا كيف لك أن تمارسين مثل هذا العبث وهو يراك ويرقبك ، وإن نام الناس ، ورقدوا ؟ فإنما هو ينظر لعبثك وقادر على أن يفضحك بين أمم الناس غير أن رحمته سبقت غضبه ، ولعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبقى واعظاً في ما بيني وبينك حينما قال : (( لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً . فيجعلها الله هباءً منثوراً . قال ثوبان : يارسول الله ! صفهم لنا ، جلّهم لنا ، أن لانكون منهم ونحن لا نعلم . قال : (( أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم . ويأخذون من الليل كما تأخذون . ولكنهم أقوام ، إذا خلوا بمحارم الله ، انتهكوها )) رواه ابن ماجة وصححه الألباني . وغير ذلك يوم تقفين بين يدي ربك ومولاك ، العالم بالسرائر ، المطلّع على الخفايا ، الواحد الأحد ، الذي خلقك ، ويعلم سرك ونجواك . وأول ما يشهد عليك بين يدي الرحمن جوارحك مصداق قول الله تعالى : (( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون * حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون )) ومثل هذه المواقف أحق منك بالتدبّر من التلهي بشهوة عاجلة ، وضياع العمر في أماني فارغة ، ونسيان مثل هذا المصير المنتظر .
أيتها الفتاة : تواترت أخبار ، وتفشت أسرار تقول في مجملها المرأة التي امتن الله عليها بالزواج ، ووجدت أثر تلك النعمة في حياتها هي اليوم تمارس نوعاً من هذا العبث في خلوات زوجها ، وهي بذلك تخون ستار الزوجية ، وتهتك عرض حياة عريضة من الحب والحنان ، ونسيت المسكينة أنها تقدم على أكبر خيانة في عرف العقلاء ، وهي بين أمرين لا ثالث لهما : إما فضيحة تُروي على كل لسان ، وإما غدر وخيانة لكنف زوج كريم ، يجهد من أجل العيش لها ولأبنائها ، وهي تستمتع في خلواته مع الذئاب البشرية لتكافئه على جهده ، وعرقه بمولود يفرح لوجوده ويسعد لرؤاه ، وما دري المسكين أن المؤتمنة على فراشه خائنة ، وأن الأسيرة في بيته لئيمة عارية . وأن الفرحة التي تبدّت على وجهه بهذا المولود إنما هي بسمات مجهولة لدخيل على الأسرة ، غريب عنها ، يشارك الأسرة غداً في بيت ليس بيته ، ويعاشر أناساً ليس من أهله ، يأكل من مال زوجها وهو دخيل عليه ، ويرثه غداً وهو بعيد عنه . فأي ضمير حي من امرأة ترضى بهذه المآسي على زوج مشكلته أنه وثق فيها ، وأتمنها ، ورضيها خليلة العمر ، وشريكة الحياة ؟
وفي الختام : هذه رسالتي بين يديك أيتها الفتاة أياً كنت سواء في مرحلة الشباب تنتظرين شريك العمر ، أو كنت في كنف زوج ارتضاك أن تشاركينه لؤاء الحياة ، وأملي أن تتأمليها جيداً ، وتكرري قراءتها ، وتمعنين النظر فيها وحينها يكون الخيار لك لا غيرك ، وقد اجتهدت لك في إيضاح العاقبة ، وحسبي أن الغيرة على عرضك حدت بنفسي إلى هذه الأحاديث متمثلاً قول القائل :
قسا ليزدجروا ومن يكن حازماً *** فليقسوا أحياناً على من يرحم .
وأدرك يقيناً أن بين القارئات لهذه الرسالة امرأة صالحة عفيفة ، وأخرى عاقلة فطنة ، ورسالتي نذير للمتهورات ، وجرس إنذار للغافلات ، وهي تذكير للمرأة الصالحة والعفيفة .سائلاً الله تعالى أن لايريني فيك مكروه ، وأن يقر عيني بتوبتك . والله يتولاك .