الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد جمعت هذه التوجيهات للأخوات المسلمات المصليات في بيوت الله عز وجل؛ بياناً للأخطاء التي تقع منهن وتذكيراً لهن عما يغفلن عنه من الأمور، رزقنا الله وإياهن حسن العمل وقبوله.
1 - حجاب المرأة المسلمة:
المرأة كلها عورة خارج الصلاة فلا يحل لها أن تبدي شيئاً من جسمها لغير محارمها، فيجب عليها أن تستر وجهها ويديها وقدميها وجميع أجزاء بدنها وهذا هو الحجاب الذي أمرت به، قال تعالى: " يَأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ "[الأحزاب:59] وهو كرامة المرأة وحصنها من كل شيطان.
ويتأكد ستر المرأة إذا خرجت من المسجد، فمن النساء من تظهر يديها أو قدميها وربما وجهها أثناء ذلك وهذا فيه مخالفة لأمر الله ورسوله قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان النساء يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يُعرفن من الغلس ) [متفق عليه].
2 - عورة المرأة داخل الصلاة:
( كل المرأة عورة إلا وجهها في الصلاة ) وفي كفيها وقدميها خلاف، وذلك كله حيث يراها رجل غير محرم لها فإن كان يراها رجل غير محرم لها وجب عليها سترها كما يجب عليها سترها خارج الصلاة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يقبل الله صلاة حائض - أي من بلغت المحيض - إلا بخمار} [رواه الخمسة].
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين عن حكم ظهور القدمين والكفين للمرأة في الصلاة مع العلم أنها ليست أمام الرجال ولكن في البيت؟ فأجاب بقوله: ( المشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله أن المرأة البالغة الحرة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها، وعلى هذا فلا يحل لها أن تكشف كفيها وقدميها، وذهب كثير من أهل العلم إلى جواز كشف المرأة كفيها وقدميها، والاحتياط أن تتحرز المرأة من ذلك لكن لو فرض أن امرأة فعلت ثم جاءت تستفتي فإن الإنسان لا يجرؤ أن يأمرها بالإعادة ).
3 - تحريم استعمال الطيب للمرأة المصلية في المسجد:
يجب على المرأة أن تجتنب الطيب إذا خرجت إلى المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم : {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات } [رواه أحمد وأبو داود]. ومعنى { تفلات } أي غير متطيبات.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة } [رواه مسلم وأبو داود والنسائي]، وروى مسلم من حديث زينب امرأة ابن مسعود: { إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً }.
قال الإمام الشوكاني: ( فيه دليل على أن خروج النساء إلى المساجد إنما يجوز إذا لم يصحب ذلك ما فيه فتنة وما هو في تحريك الفتنة نحو البخور )، وقال: ( قد حصل من الأحاديث أن الإذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكن في خروجهن ما يدعو إلى الفتنة من طيب أو حلي أو زينة ).
وقال الشيخ صالح الفوزان وفقه الله: ( وبهذه المناسبة أود أن أنبه لأمر يتعلق ببعض النساء اللاتي يحضرن إلى المساجد خلال شهر رمضان حيث يحضرن معهن مبخرة وعوداً ويتبخرن بها وهن في المسجد فتعلق الرائحة بهن فإذا خرجن للسوق وجد بهن أثر الطيب وهذا خلاف المشروع في حقهن ).
واقرئي أختي المسلمة هذا الحديث من عبدالرحمن بن الحارث بن أبي عبيد عن جده قال: ( خرجت مع أبي هريرة من المسجد ضحى فلقيتنا امرأة بها من العطر شيء لم أجد بأنفي مثله قط )، فقال لها أبو هريرة: ( عليك السلام )، فقالت: ( وعليك )، قال: ( فأين تريدين؟ ) قالت: ( المسجد )، قال: ( ولأي شيء تطيبت بهذا الطيب؟ ) قالت: ( للمسجد )، قال: ( آلله؟ ) قالت: ( آلله )، قال: ( آلله؟ ) قالت: ( آلله )، قال: ( فإن حبي أبا القاسم أخبرني أنه لا تقبل لامرأة صلاة تطيبت بطيب لغير زوجها، حتى تغتسل غسلها من الجنابة، فاذهبي فاغتسلي منه، ثم ارجعي فصلي ) [رواه النسائي].
4 - ترك الزينة والحلي:
على المرأة ألا تخرج متزينة بالثياب والحلي. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ( لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى من النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها [متفق عليه].
قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار على قول عائشة: ( لو رأى ما رأينا ): يعني من حسن الملابس والطيب والزينة والتبرج. وإنما كان النساء يخرجن في المرط والأكسية والشعلات الغلاظ.
وقال الإمام الجوزي رحمه الله: ( ينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج مهما أمكنها إن سلمت في نفسها لم يسلم الناس منها، فإذا اضطرت إلى الخروج خرجت بإذن زوجها في هيئة رثة وجعلت طريقها في المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق، واحترزت من سماع صوتها ومشت في جانب الطريق لا في وسطه ).
5 - صفوف النساء:
إن كانت المرأة وحدها صفت وحدها خلف الرجال لحديث أنس حين صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا } [رواه الجماعة إلا ابن ماجة]. وعنه: { صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي وأمي خلفنا - أم سليم - } [رواه البخاري].
وإن كان الحضور من النساء أكثر من واحدة فإنهن يقمن صفاً أو صفوفاً خلف الرجال لأنه كان يجعل الرجال في أول الصفوف والغلمان خلفهم والنساء خلف الغلمان [رواه أحمد].
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها } [رواه الجماعة إلا البخاري].
ففي الحديثين دليل على أن النساء يكن صفوفاً خلف الرجال ولا يصلين متفرقات إذا صلين خلف الرجال سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح. ومما يلاحظ على الأخوات المصليات أن المرأة تصلي في صف وحدها أو معها أخرى فقط، قال الشيخ محمد الصالح العثيمين: ( مما يجب التنبيه له أن بعض النسوة إذا خرجن للصلاة في المساجد مع الجماعة فإن البعض منهن يصلين منفردات خلف الصف وهذا خلاف السنة لقوله : { خير صفوف النساء آخرها....} فتبين بذلك أن النساء يكن صفوفاً كما قال عليه الصلاة والسلام: { لا صلاة لمنفرد خلف الصف ).
6 - الصف الأفضل للمرأة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) [رواه الجماعة إلا البخاري]. حمل العلماء رحمهم الله هذا الحديث على ما إذا عدم الفاصل بين الرجال والنساء، أما إذا وجد ساتر وفاصل فإن الأفضلية تكون للصف الأول في حقهن، وهو اختيار الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله.
وسئل الشيخ عبدالله بن الجبرين عن هذه المسألة فقال وفقه الله: ( يظهر أن السبب في كون خير صفوف النساء آخرها هو بعده عن الرجال فإن المرأة كلما كانت أبعد عنهم كان ذلك أصين لها وأحفظ لعرضها وأبعد لها عن الميل إلى الفاحشة، لكن إذا كان مصلى النساء بعيداً عن الرجال ومفصولاً بحاجز من جدار أو سترة منيعة وإنما يعتمدن في متابعة الإمام على المكبر فإن الراجح فضل الصف الأول لتقدمه وقربه من القبلة ).
7- تسوية الصفوف
بعض النساء لا تهتم بتسوية الصف فقد روى البخاري ومسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة} فاحرصي أختي المسلمة على تسوية الصف.
8 - عدم إتمام النساء لصلاة الفرض:
بعض النساء إذا دخلت مع الإمام وقد فاتها من الصلاة ركعة أو ركعتان، فإنها تسلم مع الإمام ولا تقضي ما فاتها.
وهذا غالباً ما يكون في رمضان إذا جاءت صلاة التراويح، والصواب في ذلك أن تتم ما فاتها مع الإمام لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا } وفي رواية { فاقضوا}. وهذا عام في الرجال والنساء.
فعلى المرأة إذا دخلت وقد فاتتها ركعة من الصلاة أو أكثر، أن تنتظر حتى يتم الإمام سلامه ثم تقوم فتقضي ما فاتها وبهذا تتم لها صلاتها.
وهذا ناتج عن الجهل بالأحكام الشرعية أو الجهل كذلك بكيفية القضاء.
9- كيف تقضي المرأة الصلاة الفائتة؟
إذا أدركت المرأة مع الإمام ثلاث ركعات فإنها تقوم وتأتي برابعة ثم تسلم، وإذا أدركت مع الإمام ركعتين فإنها تقوم وتأتي بركعتين - ثالثة ورابعة - وتسلم، وإذا أدركت مع الإمام ركعة واحدة فإنها تقوم فتأتي بأخرى ثم تجلس للتشهد ثم تقوم وتأتي بركعتين ثم تجلس للتشهد وتسلم وبهذا تتم صلاتها، أما إذا لم تدرك مع الإمام ركعة فإنها تصلي بعد سلام الإمام أربع ركعات... ولتعلم الأخت المسلمة أن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع.
10- المضايقة والزحام في الصلاة:
تضايق بعض النساء بعضاً بحجة تحقيق التراص وسد الفرج مما يضايق بعض المصليات، وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله عن الأصح في تسوية الصفوف.. هل هو مساواة الأقدام برؤوس الأصابع فقط أم بمحاذاة الكعبين؟ وهل من السنة إلصاق القدم بقدم المجاور في الصف؟ فأجاب بقوله: ( الصحيح أن المعتمد في تسوية الصف محاذاة الكعبين بعضها بعضاً لا رؤوس الأصابع، وذلك لأن البدن مركب على الكعب، والأصابع تختلف الأقدام فيها، فقدم طويل وآخر صغير، فلا يمكن ضبط التساوي إلا بالكعبين، وأما إلصاق الكعبين بعضها ببعض فلا شك أنه وارد عن الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم كانوا يسوون الصفوف بإلصاق الكعبين بعضها ببعض، أي أن كل واحد يلصق كعبه بكعب صاحبه لتحقيق المساواة فقط، وليس معنى ذلك أنه يلازم هذا الإلصاق ويبقى ملاصقاً له في جميع الصلاة ).
ومن الغلو في هذه المسألة ما يفعله بعض الناس: تجده يلصق كعبه بكعب صاحبه، ويفتح قدميه فيما بينهما حتى يكون بينه وبين جاره في المناكب فرجة؛ فيخالف السنة في ذلك، والمقصود أن المناكب والأكعب تتساوى.