ALZAHRAALMOSLMA
عدد الرسائل : 1368
| موضوع: مثل عيسى عند الله تبارك وتعالى الأربعاء 8 أكتوبر - 16:56:45 | |
| | |
|
ALZAHRAALMOSLMA
عدد الرسائل : 1368
| موضوع: رد: مثل عيسى عند الله تبارك وتعالى الأربعاء 8 أكتوبر - 16:58:13 | |
| وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:« كان الله، ولم يكن شيء معه، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض ». وفي سنن أبي داود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:« أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. قال: ما أكتب ؟ قال: ما هو كائن إلى يوم القيامة ». إلى أمثال ذلك من النصوص التي تبيِّن أن المخلوق قبل أن يخلَق، كان مَعلومًا، مُخْبَرًا عنه، مَكتوبًا فيه شيء، باعتبار وجوده العلمي الكلامي الكتابي، وإن كانت حقيقته التي هي وجوده العيني، ليس ثابتًا في الخارج ؛ بل هو عدمٌ مَحضٌ، ونَفْيٌ صِرفٌ. وإذا كان كذلك، كان الخطاب مُوَجَّهًا إلى من توجهت إليه الإرادة، وتعلقت به القدرة وخُلِق، ثم كُوِّن ؛ كما قال تعالى:﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾( النحل:40 ). فالذي يُقال له:﴿ كُنْ ﴾ هو الذي يُرادُ. وهو حين يُرادُ قبل أن يُخلَق، له ثُبوتٌ وتَميُّزٌ في العلم والتقدير. ولولا ذلك، لما تميَّز المُرَادُ المَخلوقُ من غيره. فثبت بذلك أن الله تعالى، إذا أراد أن يْكوِّن شيئًا معلومًا لديه، توجَّه سبحانه إلى ذلك الشيء بالخطاب بقوله:﴿ كُنْ ﴾، ﴿ فَيَكُونُ ﴾. أي: يوجد ذلك المُكَوَّنُ عَقِبَ التكوين، لا مع ذلك في الزمان ؛ ولهذا أتى سبحانه بصيغة الاستقبال مسبوقة بفاء التعقيب. وكونُ الفاء للتعقيب يُوجِبُ أن يكون الثاني عَقِبَ الأول، لا معه. بقي أن تعلم أن ( الفاء ) تفيد التعقيبَ، والتسبيبَ. فلو قيل كن، فكان )، لم تدلَّ الفاء إلا على التسبيب، وأن القول سببٌ للكون. فلما قال عز وجل:﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾، دلَّت الفاء مع التسبيب على استعقاب الكون للأمر. وهذا لا يعني استعقابه في الحال، من غير مهلة ؛ لأن بناء المضارع لا يدل بصيغته على الحال، إذا لم يوجد معه قرينة تقيده به، وتقصره عليه ؛ وإلا فإنه يدل على الدوام والاستمرار بلا انقطاع ؛ لأنه موضوع لما هو كائن، لم ينقطع. وعليه فإن بناء الفعل ( يكون ) لا يدل بصيغته على الحال ؛ وإنما يدل على المستقبل المتراخي. وهذا يعني أن آدم خلق وسُوِّيَ بشرًا من تراب الأرض وطينها، ثم صاِر إنسانًا عاقلاً بنفخ الروح فيه ؛ وذلك هو المراد بقوله تعالى:﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾، بعد ذلك أمرت الملائكة بالسجود له، وهذا ما نصَّت عليه الآية الكريمة: ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾( ص: 71- 72 ). والآية الكريمة: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾( الحجر: 28- 29 ). ولو امتثل الناس قول الله تعالى:﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾(العنكبوت: 20 )، لعرفوا كيف ابتدأ الخلقُ، ولو عرفوا، ما اختلف اثنان منهم في تفسير هذه الآية الكريمة، وغيرها من الآيات التي لا تنطق بالحق إلا لمن استنطقها من أولي النهى والبصائر ؛ كقول الله تبارك وتعالى:﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ﴾( السجدة: 7- 8 ). وقوله جل وعلا:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴾( المؤمنون: 12- 13 ).. إلى غير ذلك من الآيات التي نمر عليها، ونحن عنها غافلون. رابعًا- ثم بين تعالى أن ما أخبر به عباده في أمر عيسى- عليه السلام- هو الحق الذي لا يحوم حوله باطلٌ، فقال سبحانه:﴿ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ ﴾. فـ﴿ الْحَقُّ ﴾ على هذا خبر لمبتدأ محذوف. أي: ذلك النبأ في أمر عيسى عليه السلام ﴿ الْحَقُّ ﴾، فحذف ؛ لكونه معلومًا. و﴿ مِن رَّبِّكَ ﴾ حال من الحق.. وقيل: هو مبتدأ، استؤنف بعد انقضاء الكلام، وخبره قوله تعالى:﴿ مِن رَّبِّكَ ﴾. وهذا كما تقول: الحق من الله، والباطل من الشيطان. وقيل غير ذلك. أما الامتراء فهو الشك الذي يدفع الإنسان إلى المجادلة المَبْنيَّة على الأوهام، لا على الحقائق ؛ ومنه: المِراء. قال تعالى:﴿ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ أَحَدًا ﴾( الكهف: 22 )، وأَصله في اللغة: الجِدال، وهو مأخوذ من قول العرب: مَرَيْتُ الناقة والشاة، إذا أردت حلبها ؛ فكأن الشاكَّ يجتذب بشكِّه مراءً كاللبن الذي يجتذب عند الحلب. يقال: قد مارى فلان فلانًا، إذا جادله ؛ كأنه يستخرج غضبه. ومنه قيل: الشكر يمتري المزيد. أي: يجلبه. وقد أكد سبحانه وتعالى أن ما أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم هو الحق بتأكيدات ثلاثة: أولها: التعريف في لفظ ﴿ الْحَقُّ ﴾. أي: ما أخبرناك به هو الحق الثابت الذي لا يخالطه باطل. وثانيها: كونه من عند الله تعالى. وكل شيء من عنده سبحانه فهو صدق، لا ريب فيه. وثالثها: النهى عن الامتراء والشك في ذلك الحق ؛ لأن من شأن الأمور الثابتة أن يتقبلها العقلاء بإذعان وتسليم وبدون جدل، أو امتراء. وأما النَّهْيُ عن الامتراء في قوله تعالى:﴿ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ ﴾ فهو موجَّه في ظاهره إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال الرازي:« وهذا بظاهره يقتضي أنه كان شاكًا في صحة ما أنزل عليه ؛ وذلك غير جائز. واختلف الناس في الجواب عنه: فمنهم من قال: الخطاب، وإن كان ظاهره مع النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أنه في المعنى مع الأمة. والثاني: أنه خطاب للنبي عليه الصلاة والسلام، والمعنى: فدُمْ على يقينك، وعلى ما أنت عليه من ترك الامتراء ». وقال الألوسي:« ولا يضر فيه استحالة وقوع الامتراء منه صلى الله عليه وسلم، بل ذكروا في هذا الأسلوب فائدتين: إحداهما: أنه صلى الله عليه وسلم، إذا سمع مثل هذا الخطاب، تحركت منه الأريحية، فيزداد في الثبات على اليقين نورًا على نور. والفائدة الثانية: أن السامع يتنبه بهذا الخطاب على أمر عظيم، فينزع وينزجر عمَّا يورث الامتراء ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم، مع جلالته التي لا تصل إليها الأماني، إذا خوطب بمثله، فما يظن بغيره ؟ ففي ذلك ثبات له صلى الله عليه وسلم، ولطف بغيره ». وقيل: بل المقصود من هذا النهي: التعريض بالنصارى الذين قال الله تعالى فينهم:﴿ ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴾( مريم: 34 ). والله تعالى أعلم بمراده، وما ينطوي عليه كلامه من أسرار، سبحانه وتعالى ! محمد إسماعيل عتوك باحث في الإعجاز البياني للقرآن مـــ ماجده ـلاك الروح | |
|