يا أيها الناس اتقوا الله تعالي واعبدوه واذكروا نعمته عليكم واشكروه وتذكروا بدايتكم ونهايتكم تعرفوا آيات الله وتعظموه لقد خلق الله تعالي ادم من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين فسواهم في بطون أمهاتهم ونفخ فيهم من روحه فان الجنين في بطن أمه يتنقل إلى أربعة أطوار يكون أربعين يوما نطفة ثم أربعين علقة ثم أربعين مضغة فهذه مائة وعشرون يوما أربعة اشهر كاملة ثم يبعث الله تعالي اليه ملكا فينفخ فيه الروح ويكتب رزقه واجله وعمله وشقاه أو سعادته ويبقي بعد ذلك ما شاء الله أن يبقي في بطن أمه ثم يخرجه الله تعالي إلى دار العمل والكسب فيمكث فيها ما شاء الله أن يمكث ثم ينتقل بعد ذلك إلى دار الجزاء البرزخ ثم إلى يوم القيامة المثوى الأخير
فإذا مات الإنسان انقطع عمله الا من ثلاث ( صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالحا يدعو له ) فيبقي في البرزخ فيبقي في البرزخ إلى قيام الساعة يوم يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين عارية أجسادهم حافية أقدامهم شاخصة أبصارهم مهطعين إلى الداء
يقول الكافرون: ( هذا يوم عثر) أيها المسلمون إن لبني أدم حين انتقالهم من هذه الدار إلى الدار الآخرة أحوالا ثلاثة بينها الله تعالي في كتابه في أخر سورة الواقعة في قوله تعالي ( فلولا إذا بلغت الحلقوم* وانتم حينئذ تنظرون ونحن اقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون* فلولا إن كنتم غير مدنيين* ترجعونها إن كنتم صادقين* فإما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم )
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من المقربين اللهم اجعلنا من المقربين اللهم اجعلنا من المقربين (وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين* و أما عن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصليه جحيم* إن هذا لهو حق اليقين* فسبح باسم ربك العظيم )
ولقد بين النبي صلي الله عليه وعلى اله وسلم بالتفصيل ما يكون عند الموت وفي القبر فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال كنا في جنازة رجل من الأنصار في البقيع فاتانا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله كان على رؤوسنا الطير وهو يلحد له فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ( أعوذ بالله من عذاب القبر أعوذالله من عذاب القبر أعوذ بالله من عذاب القبر ) ثم قال النبي صلي الله عليه وسلم: ( إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت اليه ملائكة كان وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة فيجلسون منه مد البصر ثم يجي ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فم السقا فيأخذها ملك الموت فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفه عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحه مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء ويشيعها مقربوها إلى السماء الثانية وهكذا فلا يمرون على ملأ من الملائكة الا قالوا ما هذه الروح الطيب فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي يدعي بها في الدنيا حتى تصل إلى السماء السابعة حتى تصل إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين و أعيدوه إلى الأرض فاني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده وهو في قبره فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم وفي رواية من نبيك فيقول هو رسول الله فينادي منادي من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وافتحوا له باب إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول ابشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الذي يأتي بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول أنا عملك الصالح فيقول ربي أقم الساعة حتى ارجع إلى أهلي ومالي)
اللهم اجعلنا من هؤلاء اللهم اجعلنا من هؤلاء اللهم اجعلنا من هؤلاء
قال صلي الله عليه وعلى اله وسلم : ( وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم كفن من النار وحنوط من النار فيجلسون منه مد البصر ثم يجي ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيث اخرجي إلى سخط من الله وغضب فتتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده ط رفه عين حتى يجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأخبث ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة الا قالوا ما هذا الريح الخبيث فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي يدعي بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح ثم قرا النبي صلي الله عليه وسلم : ( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط )
فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلي فتطرح روحه يعني إلى الأرض طرحا ثم قرا رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتختطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق )
فتعاد روحه في جسده ويأتيانه ملكان فيقولان له من ربك فيقول هه هه لا ادري فيقولان له من هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هه هه لا ادري فينادي منادي من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول ابشر بالذي يسؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الذي يجي بالبشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول ربي لا تقم الساعة )
اللهم أعذنا من هؤلاء اللهم أعذنا منهم اللهم أعذنا منهم يا ارحم الراحمين
وفي الصحيحين عن انس بن مالك رضي الله عنه إن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ( إن الميت إذا وضع في قبره وتولي عنه أصحابه حتى انه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان أقعداه وذكر ) وذكر الحديث وفيه ( فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلي الله عليه وسلم فيراهما جميعا)
فاتقوا الله أيها المسلمون واعدوا لهذا الأمر اليقين العظيم عدته وتعوذوا بالله من عذاب القبر واسألوا الله أن يجعل قبروكم روضة من رياض الجنة يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتون الا وانتم مسلمون ) بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .
فيا عباد الله إن الله تعالي قال : ( هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) وقال الله تعالي : ( يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) وقال اله تعالي : ( يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) وقال الله تعالي : ( إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ) والآيات في هذا معلومة فعلينا أن نتخذ الخطوات الآتية إن الكافرين سواء كانوا من اليهود أو من النصارى أو من الوثنيين أو من الشيوعيين أو من أي صنف من أصناف الكفار هم أعداءنا انهم كانوا لنا عدوا مبينا هكذا قال الله عز وجل الذي هو العالم بالخفيات وبما في القلوب كانوا أعداء عداوة بينه ظاهرة ولكنهم قد ينافقون أحيانا من اجل حظوظ أنفسهم فقط لا من اجل فائدة المسلمين ثانيا أن نعلم إن الكفار مهما كانوا فان ما يقدموا من خير لن ينفعهم عند الله تعالي لقول الله تبارك وتعالي ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا ) هذا إذا تيقن إن فيه خيرا للإسلام والمسلمين فأما إذا كان فيه احتمال إن هذا الخير من اجل إبراز الدعوة النصرانية لمبرز ظاهر إنساني فان ذلك لا يكون فيه خير للمسلمين بل هو ضد المسلمين في الواقع ثالثا أن نعلم انه لا يجوز لنا آن نترحم أو نستغفر لاحد من الكافرين المشركين أو اليهود أو النصارى لان ذلك خلاف هدي النبي صلي الله عليه وعلي اله وسلم وخلاف هدي الذين أمنوا قال الله تعالي : ( ما كان للنبي والذين امنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربي من بعد ما تبين لهم انهم أصحاب الجحيم ) هكذا نفي الله تعالي هذا الأمر نفيا قاطعا لان ما كان كذا يعني انه ممتنع شرعا فلا يجوز لاحد من المؤمنين أن يدعو لكافر بالمغفرة أو بالرحمة لان هذا خلاف منهج النبي صلي الله عليه وعلى اله وسلم ومنهج الذين امنوا ولقد قال النبي صلي الله عليه وسلم في عمه أبي طالب حينما دعاه للإسلام ولكن أخر ما قال انه على ملة عبد المطلب ولم يقل لا اله الا الله قال النبي صلي الله عليه وسلم : ( لا استغفرن لك ما لم انهي عنك ) فنهاه الله تعالي أن يستغفر لعمه أبا طالب مع إن عمه أبا طالب نصره نصرا مئزرا ودافع عنه وكان يقول فيه القصائد العصماء ومع ذلك نهاه الله عز وجل أن يستغفر له وقال : ( ما كان للنبي والذين امنوا أن يستغفروا للمشركين ) مع إن أبا طالب كان قد أفاد النبي صلي الله عليه وسلم وأفاد الرسالة النبوية وأفاد المسلمين ولكن ذلك لم ينفعه قال الله تعالي : ( وقدمنا إلي ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا ) وإذا كان هذا في عم النبي صلي الله عليه وسلم الذي دافع عنه وناصره فكيف في من لم يكن هذه حاله ولقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم في صحيح مسلم انه قال : ( والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي احد من هذه الأمة- يعني امة الدعوة – يهوديا أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بما جئت به الا كان من أصحاب النار ) هكذا ثبت عن النبي صلي الله عليه وعلى اله وسلم ومن المعلوم إن اليهود والنصارى كثير منهم قد سمع بدعوة الرسول صلي الله عليه وسلم فإذا ماتوا ولم يؤمنوا به فهم من أصحاب النار وإذا كانوا من أصحاب النار فانه لا يجوز لنا أن ندعوا الله لهم بالرحمة والمغفرة لان هذا ضد حكم الله تبارك وتعالي فالله حكم بأنهم في النار فكيف نسال الله أن يجعلهم في رحمته ومغفرته هذا من المضادة لحكم الله تبارك وتعالي ولكننا مع ذلك لا نشهد لاحد بعينه من الكفار انه في النار ولكننا نقول كل كافرا من يهودي أو نصراني أو مشرك أو ملحد فانه من أصحاب النار لكن الشهادة بالعين أمرها عظيم فلا يشهد لاحد بعينه جنة ولا نار إلا لمن شهد له النبي صلي الله عليه وعلى اله وسلم ولكن من مات على الكفر فإننا نجري عليه أحكام الكافرين فلا نستغفر له و لا نسال الله له الرحمة أيها الاخوة إن هذا الأمر يخفي على كثير من الناس يظنون أن الدعاء بالمغفرة والرحمة لمن يظن انه احسن إلى الإنسانية يظنون انه لا باس به ولكن كما سمعتم آيات الله عز وجل في النهي عن الاستغفار والاسترحام للمشركين فمن كان قد استغفر لاحد من اليهود أو النصارى أو المشركين فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل وعليه أن لا يعود إلى ذلك ليحقق إيمانه وليكن على جادة النبي صلي الله عليه وسلم والمؤمنين به أسال الله تبارك وتعالي أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وان يرنا الباطل باطلا وان يرزقنا اجتنابه وان لا يجعله ملتبسا علينا فنضل انه على كل شئ قدير أيها الاخوة إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وعلي اله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وإنما قيدنا كل محدثة في دين الله لان لا يظن الظان إن كل ما يحدث من الأمور فهو بدعة ولكن البدعة المذمومة هي الأحداث في دين الله عز وجل فاتقوا الله عباد الله والتزموا شريعة الله التي بين الله في كتابه وفي سنة رسول صلي الله عليه وسلم واكثروا من الصلاة والسلام على رسوله صلي الله عليه وسلم فان لكم بكل صلاة عشرة حسنات اللهم صلي وسلم علي عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين