كان الناس في ما مضى يعيشون في حب ووئام واطمانان وكانت القلوب متآلفة متحابة وكان يحكم القرية كبير القوم ويلقب بالمختار ,
فكان يوما ان توفي احد رجال القرية وزوجته وكان لهم طفل فاخذه المختار وتبناه فاحسن تربيته وعلمه القرآن فكان له نعم الولد خادما مطيعا لزوجته وبارا بهما . مرت الايام وكبر الطفل واصبح شابا في عنفوان الرجولة فقرر المختار وكبار اهل القرية السفر لاداء فرييضة الحج فالح الشاب على مربيه ان ياخذه الى بلاد الحرمين فابى المختار خوفا عليه من مشقة السفر وطول الطريق ,لكن الشاب اصر عليه الى ان رحم رجاءه احد الرجال فقال دعنا ناخذه معنا ليعيننا على حمل امتعتنا ونسكب به ثواب حجه . فنعم الشاب البار فلان قلب المختار وقبل اخذه رغم بكاء زوجته وتوصيتها به وتذكيره ان الشاب امانة في عنقه . خرجوا متوجهين الى بلاد الحجاز فلما ان وصلوا بعد شهر ونصف اخذوا بتأدية مناسك الحج فلما ان اتموها وقبل ايام على عودتهم خرج الشاب الى الكعبة ليطوف ويصلي ويناجي الله وبينما هو كذلك تعثر بشيء فحمله فاذا به حزام من جلد مرقط ففتحه فاذا به دنانير من ذهب فاغلقه وعاد به الى سكنه ففتحه خلسة من قومه فعد الدنانير فوجدها الف دينار من ذهب فاغلق الحزام واخذ يتامل بما يفعله بالدنانير وبدأت الاحلام الوردية تجوب مخيلته فهو في ريعان الشباب ومقتبل العمر واذ بالمنادي ينادي لصلاة الفجر , فوضع الحزام على وسطه واستره عن العيون وايقظ المختار ورجال القرية وبعد الصلاة سمعوا رجلا ينادي باعلى صوته ان من وجد حزاما جلديا فان صاحبه شيخ عجوز وبحاجة له وان لمن وجده جائزة مائة دينار سمع الشاب ذلك الكلام فخاطب نفسه قائلا مائة دينار بالحلال خير من الف بالحرام فاقترب من المنادي وقال ارني صاحب الحزام لاعطيه الامانة فقال المنادي تقدم معي اليه , فذهبا الى ان وصلا النزل الذي يقطنه الشيخ وتقدم الشاب اليه واعطاه الحزام فقال الشيخ فوضع العجوز يديه على راس الغلام واخذ يتمتم بكلمات لم يفهم الشاب منها شيئا فقال الشيخ ما رايك بتسعين دينار فتبسم الشاب وقال حسنا ايه الشيخ فاخذ العجوز يحدثه ثم عرض عليه ثمانين دينار وهكذا بقي العجوز يساومه الى ان وصل عشرة دنانير فقال الشاب للعجوز لا اريد من مالك شيئا فهو ليس ملكي واسال الله العظيم خيرا من مالك وخرج دون ان ياخذ دينارا واحدا . حان الرحيل الى دمشق وفي طريق العودة مروا بمصر عند اصحاب لهم فطلب الشاب من المختار ان يمكث في مصر ليعمل بها ويعتمد على نفسه فرفض المختار طلب الشاب الى ان طلب المضيف المصري منه ان يبقيه عنده ويتكفل ويعلمه حرفة الحدادة فوافق المختار على ومض فبدا الغلام بالعمل الى تمكن من الصنعة واصبح مشهورا ومعروفا بين الناس في عمله وامانته . عرض الحداد على الشاب ان يزوجه بنتا في الحي والدها متوفى تعيش مع امها الضريرة فوافق الشاب على الزواج فذهب الحداد وزوجته لطلب يد البنت فوافقت البنت وامها واشترطت بان يعش معها رحمة بامها الضريرة فسر الشاب بالشرط وعلم ان البنت متربية على الخير والطاعة . وبعد ان دخل عليها وجدها فائقة الجمال فحمد ربه على ما انعم به عليه , وبعد مضي عامين على الزواج نزل الشاب الى الردهة ليحضر غرضا فراى كان افعى في جحر الجدار فامسك عصى واخذ يضربها فلم تتحرك فاقترب فراى ان الافعى ما هي الا حزاما جلديا فسحبه من الجحر ففتحه فاذا به دنانير من ذهب فتذكر ما حصل معه في مكة وقال الحمد لله الذي عوضني فذهب الى زوجته واخبرها بامر الحزام فدهشة من امر الحزام وقالت لنسال امي فلما ان اخبروها اجهشت الام بالبكاء وقالت رحم الله زوجي والله ما سمعته يوما يدعوا الله الا استجاب له الا هذا الدعاء فقال زوج ابنتها ما قصة هذا الحزام وزوجك والدعاء فاخبرته بما حدث مع زوجها بالحج يوم ان ضاع الحزام وعثور شاب عليه فدعى زوجي بان يجعل نصيب ابنتي وزواجها من ذلك الشاب فبكى الشاب وقال الم يضع زوجك يديه على راس ذالك الغلام وتمتم بكلامات لم يفهمها احد فقالت نعم ومن الذي اخبرك بذلك فقال وقد ساحة الدموع من عينيه انا ذالك الشاب فقلد استجاب الله دعاؤه فرحم الله روحه الطيبة المباركة والله اسال ان يجعل مثواه الجنة وبكت الام والبنت والزوج